رسالة إلى أبناء الجنوب .. كفاكم عبثاً !ّ!

2016-05-09 13:14

 

‘‘حضرموت هي المحور للدولة الجنوبية‘‘

يحز في النفس ويدمي القلب ،ما أقرأه وما أسمعه هذه الأيام من الأصوات النشاز التي تخرج علينا من هنا وهناك ، وتكرس سياسة التشظي والفرقة  والانقسام في الجسد الجنوبي الواحد أرضاً وشعباً ، والمثير للغرابة والسخرية في نفس الوقت، أنها تنتحل أسماء مناطقية ضيقة الأفق، أو قبلية خارج أسوار التاريخ، منذ عهد كليب ،وجساس، والزير سالم ،وتنسب لنفسها البطولات، و  نقاء العرق والسلالة ونبل المحتد ، وهي لا تستطيع أن تسيطر على كيلومتر مربع من الأرض التي عاشت ولازالت فيها .

 

تأتي مثل هذه الدعوات الهدامة ،والتخرصات الغريبة الدخيلة على مجتمعنا الجنوبي، الذي عانى المرارة وذاق الويلات والنكبات منذ عقود طويلة، بدأت بإقصاء رجال الحل والعقد في الجنوب ،من باب المندب وحتى المهرة ،على أيدي أزلام الماركسية الذين مارسوا كل أشكال الإقصاء والتهميش لسائر المكونات الجنوبية الفاعلة .. وقادوا البلاد إلى الهاوية، وتسببوا بانزلاق شعب كامل في حفرة مميتة تسمى " الوحدة اليمنية " !!

 

ولا نريد استعراض المآسي التي ذاقها شعبنا في حكم الاشتراكي، ولا في عهد الوحدة  المشؤومة، التي دمرت البلاد والعباد، وسحقت الإنسان الجنوبي ودولته ، كل ذلك بفعل سياسات أحادية ساذجة، لا تملك أي رؤية سياسية للمستقبل !!.

ولازال شعبنا يدفع ثمن تلك الزلات حتى اليوم، بينما نجا الرفاق برقابهم وجلودهم من أتون الجحيم الذي ساقونا إليه !!

 

فهل نعتبر من دروس التاريخ؟ وما مر بنا من تجارب دامية؟ كادت أن تلغي وجودنا؟ لولا أن هيأ الله لنا  جيلاً جديداً من الشباب الجنوبي ،الذي ذاق وتجرع مرارة الذل والهوان والقمع في ظل الوحدة المزعومة، ونهض في الحرب الأخيرة من الرماد كطائر الفينيق، وتساوت عنده الحياة والموت ، وكان شعار الشباب كما قال الشاعر العربي :

إما حياة تسر الصديق        أو ممات يغيض العدا

نعم تحمل جيل الشباب عبء الحرب والغزو الأخير، وهذا لا ينتقص من كبار السن ،فقد كانوا في الساحة قلباً وقالباً ،وساهمت كل الشرائح الاجتماعية ،وعلى رأسها المرأة الجنوبية ،الزوجة والأم، والأخت والابنة، ونجح الكل في صد العدوان البربري الهمجي القادم من شمال اليمن ،ولقنوه دروساً في القتال والصمود ،وبطولات سطرها التاريخ في روابي الضالع والعند ،وشوارع وأزقة عدن، ورمال وجبال شبوة وأبين ولحج الخضراء ..

 

كما قاتل أبناء حضرموت والمهرة ، وسالت الدماء الطاهرة على امتداد أرض الجنوب وتخضبت بدماء الشهداء الذين فضلوا الموت على الهوان، وتمكن هؤلاء الرجال من أبناء الجنوب، بمساعدة قوات التحالف العربي، وعلى رأسه المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتمكنوا جميعاً من قهر العدوان وطرده من أرض الجنوب إلى غير رجعة ..! فهل نرتقي إلى تلك البطولات التي سطروها على جبين الزمن ؟

 

لقد أثبتت المقاومة الجنوبية أنها أفضل ألف  مرة من تلك الحشود التي تراوح مكانها في الشمال وتتحرك في التبات !!

ورغم تحقيق النصر في الجنوب لا زال الطامعون يتربصون بنا الدوائر، وهم يسخرون  دواعشهم وأدواتهم التكفيرية ،لتعكير صفو الأمن والاستقرار، ويستهدفون  القيادات الجنوبية السياسية، والأمنية، والعسكرية، من خلال الانتحاريين والسيارات المفخخة، وفي الوقت نفسه يسعون  لشق الصف الجنوبي بعدة وسائل منها :

- إحداث البلبلة والتشكيك والمهاترات بين أبناء المناطق الجنوبية وتمكنوا من تسخير بعض الفئات الجنوبية سواء بعلمهم أو غباءً منهم لتنفيذ أهدافهم ومخططاتهم من خلال نشر الإشاعات والانقسامات السياسية والأمنية ،من قبل أولئك المرجفين في الأرض ،الذين باعوا أنفسهم للشيطان، بسبب ضيق الأفق والانغلاق على الآخرين من إخوانهم أبناء الجنوب ونسي هؤلاء ..

 

أن الكيان الجنوبي الواحد المتلاحم، يشكل تهديداً وجودياً وإقليمياً لتحالف ( صالح – الحوثي ) يمكن أن يؤدي إلى انهيار كامل للدولة في صنعاء، لأن حقول النفط والغاز والموانئ الرئيسة كلها في الجنوب .

ورغم فاعلية المقاومة الجنوبية على أرض الوطن، إلا أنها غير موحدة تتجاذبها قيادات سياسية ممزقة أصلاً ومهترئة ، و في ظل هذه الانقسامات المريرة، تطل علينا الفتن برأسها بين الحين والآخر، من خلال بعض الأبواق التي تفتح الأبواب للأعداء للولوج منها، وتعميق الجراحات الجنوبية الراعفة.

 

إن استجرار الأحداث  الدامية، واستدعاء البطولات الوهمية، والغزوات الجاهلية، لا تؤسس لمستقبل واعد في الجنوب بل لتمزيقه ، وعلى أبنائه المخلصين تجنب العزف على وتر المناطقية والقبلية ، وعلى الإعلاميين الجنوبيين الكتابة بحيادية ونزاهة  وأن لايرتهنوا لأعداء الجنوب ،وعدم تكريس ثقافة الأنا ومن بعدي الطوفان .

 

لقد دفعني للكتابة في هذا الموضوع ما تابعته من أصوات نشاز على بعض مواقع التواصل  من هنا وهناك تدعو للفرقة بين الجنوب وحضرموت من خلال مسميات غريبة ودخيلة علينا فحضرموت هي المحور للدولة الجنوبية، وهي منبع العلم والحضارة ،والشعر، والفن، والدعوة الوسطية ، ويكفينا فخراً أن المهاجرين الحضارم نشروا الإسلام بالرحمة والمودة   والقدوة الصالحة وبسماحة نفوسهم وهممهم العالية وأخلاقهم الرائعة في أصقاع الأرض.

 

وعليه فإننا لن نسمح بمن يسعى لشق الصف الجنوبي وحضرموت سياسياً وتاريخياً جزء لا يتجزأ منا أرضاً وشعباً ومن شعب الجنوب ولن نسمح لمن يتطاول عليهم أو يسعى للانتقاص من قدرهم فهم رواد التجارة، والسياسة، والأمانة، وهم فخر لنا في كل بلد، و في كل أرض ،وتحت كل سماء.

وختاماً أقول ألا يكفي أبناء الجنوب قاطبة ،ما مر بهم من التجارب والدروس الأليمة الم يتعظوا ؟

 وأقول لهم أنه لا يوجد لدينا أزمة هوية، أو إعلاء واستعلاء فنحن  مكون قبلي واحد متجانس، ومهما حاولت الغربان الناعقة أن تفرقنا،  فهذا لن يؤثر فينا إن   وحدة الشعب الجنوبي اليوم، هي صمام الأمان ويجب علينا  الحذر من هذه الأصوات التي لن  تدعو إلى  الانقسام الجغرافي فحسب، بل تسعى لتهديد وحدة الأهداف ووسائلها الاستراتيجية ، وهذا بدوره إن حصل سيؤدي إلى اختلال التوازن الاجتماعي المرتكز على  الفرقة والتمييز وعلى نقاء العرق مما يشعل الحرائق في كل مكان وبالتالي سيؤدي ذلك كله إلى تراجع مشروع الخلاص الجنوبي من قبضة الطامعين الذين يتربصون بنا جميعا!!

 

وأخيراً أخاطب أبناء الجنوب : الم تتعلموا من أحداث التاريخ ؟

ألا يكفيكم ما مر بكم ؟..

وتكفوا عن العبث والمهاترات .. وتكريس الثقافة الأحادية ؟

وختاما أقول أنكم محاسبون بأعمالكم أمام شعب مظلوم ومكلوم ذاق الهوان على أيدي أبنائه ..فاتقوا الله في هذا الشعب العريق الصابر وهو  يتطلع إلى  نصرة أبنائه وإلا والله لن تقوم لنا قائمة إذا ما  استمرينا على ما نحن عليه.