كرموا الشعب وصفروا العداد

2016-04-10 17:23

 

من المعلوم لدينا أن الحرب ستنتهي على طاولة المفاوضات, مهما طال أمدها..فحروب  صالح مع الحوثيين ليست ببعيد .. و كان صالح آنذاك ممثلا للشرعية و يحظى بكامل الدعم السعودي..ست حروب عاصرناها جميعا لم يحسمها الطرفان, وانتهت بالتعادل على طاولة المفاوضات.. أو قل أخمدها صالح بالتلفون مثلما أشعلها.. و الخاسر الوحيد في تلك الحروب الهزلية و الألعاب البهلوانية و المباريات الودية هو هذا الشعب الصابر..

 

خاض الحوثي ست حروب ضد صالح و علي محسن و..., ثم صار شريكا فاعلا في ثورة الشباب التي انضم إليها محسن متخليا عن رفيق دربه صالح على مدى أكثر من ربع قرن من الزمان.

تدور الدوائر سريعا و بصورة دراماتيكية , يتحالف الحوثي وميليشياته مع

صالح وجيشه و حرسه, ضد علي محسن و حزبه و فرقته.. وضد هادي و شرعيته, في حرب تحتفل اليوم بعامها الأول.. لكنها ستنتهي و لو بلغت من العمر عتيا, دون أن ينتصر طرف على آخر.

 

في العاشر من أبريل الجاري قد يستطيعون إخفاء نيران الحرب تحت كوم من الرماد.. وفي الثامن عشر منه قد يخفون أنيابهم ليستطيعوا الابتسام بهدوء أمام الكاميرات و على القنوات.. لكنهم لن يستطيعوا إعادة آلاف الضحايا الأبرياء  , من فقدوا حياتهم و ممتلكاتهم ومدنهم  وأعمالهم وغير ذلك.

 

و من المعلوم أيضا أن الكبار الذين أشعلوا الحروب ونهبوا الثروات وسرقوا المقدرات, وافتعلوا كل تلك الجرائم من قتل وتدمير و تهجير و.... لن يمسهم أي سوء .. سيخرجون منها سالمين غانمين, و ستستقبلهم فنادق بلاد العرب استقبال المستثمرين ..

 

هذه سياسة بلاد العرب .. يستقبلون اللصوص و المجرمين في الفلل و الفنادق , ويستقبلون الشعب في مخيمات لا تصلح لعيش البهائم, هذا إن فتحوا حدودهم و استقبلوهم..

 

و هذه سياسة كبرائنا .. أنا ومن بعدي.. لا يهمهم إن صار الشعب جماجم, وصار الوطن خرائب, وصار كل شيء رمادا.. لكن الشعب يحيا من جديد كشجرة لا تقدر عليها فؤوس الحطابين, ويعود من عاش في المخيمات حياة البؤس و الفاقة كما تعود الأمطار إلى منابع الأنهار و البحيرات , لكنه يجد نفسه في الأخير مطالبا بدفع الفواتير.. فواتير هذه الحروب القاتلة و المدمرة..

 

مثلما دفع في حروب سابقة, فاتورة حرب 94م, و قيمة إعمار أبين , وقيمة إعمار صعدة..كل ذلك كان يدفعه من حر راتبه , في شكل خصومات شهرية لن ينساها المواطن العادي أبدا.. ثم يأتي المحللون قائلين : أن الاقتصاد قد تدهور و لن تعود إليه عافيته إلا برفع الضرائب وزيادة الرسوم و الدعم الشعبي , وفرض جرعات لزيادة أسعار المشتقات النفطية و تعرفة الماء و الكهرباء و..  كبراؤنا لا يدفعون شيئا.. فقط يجمعون ما ندفعه استعدادا لحرب قادمة.

 

لهذا كرموا هذا الشعب و صفروا له العداد.. عداد الماء و الكهرباء و

التلفون.. هذا أقل تقدير و أدنى  تكريم لهذا الشعب الصامد في هذا الوطن البائس المنكوب .