الغيل مدينة سائبة السائبة

2015-07-21 09:22

 

ما كنت أحسب أن يصل بنا الحال في مدينة غيل باوزير إلى أسوأ مما هو عليه الحال الآن, و في جوانب شتى من أمورنا  الحياتية , لكنني هنا سأتحدث فقط عن سوق المدينة التاريخي المسمى أو المعروف شعبيا بالماركيت, الذي لا نعرف سواه على مدى خمسين عاما أو تزيد قليلا..

و مصطلح السوق عندنا يشير إلى هذا المكان بعينه.. وليس إلى مكان آخر سواه.. هذا المكان الذي يقع في قلب المدينة و يفد إليه الأهالي من جميع جهات المدينة ومن ضواحيها, حتى حين تم تجديدها قبل عشر سنوات تقريبا, لم تنتقل منه إلا سوق الأسماك وحدها, و إلى مكان ليس ببعيد عنها, إلى المكان المسمى سوق دبي في منطقة ( الكوم ).

زرها بنفسك و ستعرف حجم المأساة التي ارتكبت بحق هذه السوق التاريخية بعد أن تم إخراج أكثر بائعي السمك بفعل فاعل وبتحريض من فاعلي الـ... و هدف الإخراج كان رفدا وتعزيزا لسوق الخضار و الفواكه التي تم وضعها في مكان لا يصلح إلا أن يكون سوقاً شعبيا أسبوعيا, لا سوقا دائما.. و السبب أن هذا المكان لم يُهيأ لذلك الأمر, كعمل مظلة دائمة  و توفير الكهرباء و الإنارة و غير ذلك مما يعرف في الأسواق  فيظل عرضة للشمس طوال النهار و للقطط و الكلاب الضالة طوال الليل, هذا هو سوق الخضار الطارئ, بجانب بيوت السودانيين و مسجد باهارون.. و في المقابل سوق الصيد, بجانب إدارة المياه بالغيل, سوقان متقاربان يفصل بينهما خط سريع و شارع رئيسي, و هو الطريق القادم من القارة والصداع إلى الغيل.. حتى أن أحدهم قال لي : إذا كان البائع مجنونا , يكون المتشتري عاقلا.. فهمت قصده سريعاً, و أنه لا يعني خطورة الطريق المزدحم بالسيارات و الدراجات, و إنما يعني البضاعة المعرضة للشمس والتراب و الغبار و .. على مدار الساعة..

ثم أني لأعجب كثيرا من بائعي الأسماك, كيف تسنى لهم أن يخرجوا من الظلال من (ماركيت الخصار) المزود بالماء والكهرباء والمجاري و السيراميك, إلى تلك الصحراء المشمسة, و السوق البدائية الخالية من كل تلك الأشياء.. عجبي!!

لست متضررا, بل على العكس, فهذه السوق تقع بالقرب من بيوتنا و اختصرت لنا المسافة كثيرا, لكن الحق يقال, إذا أردتموها سوقا فهيئوها لذلك الأمر, و إلا فليعودوا أدراجهم إلى السوق القديم, خضار وخصار, إلا من كان مستأجرا لدكان أو محل, فهذا  يعامل بحسب القوانين النافذة لديكم ..

نعم ليعودوا أدراجهم, و يكفي عبثا بصحة الناس و حياتهمّ , يكفي تشويها لمدخل المدينة و منظرها و جمالها!!!

و لأني قد كتبت مقالاً سابقا بعنوان : الغيل مدينة سائبة, عنونت مقالي هذا بـ : الغيل مدينة سائبة السائبة ..