أعرف مسبقا ان ما سأكتبه هنا قد لا يروق للبعض قراءته او مجرد التفكير فيه الان, كون هناك من سياتي ويقول هذا الامر ليس وقته فنحن في خضم معركة تحرير الجنوب ولا يجوز البحث في امور ثانوية او هكذا الطرح .
لكنني رأيت وقد تكون وجهة نظري غير صحيحة في رأي آخرين لكنها تظل وجهة نظر احملها ومقتنع بها ومسؤل عنها وارى فيها مدخل للنقد الذاتي الصحيح البعيد عن شخصنة الاختلاف , ونحن باذن في الطريق لتحقيق النصر.
سؤال مهم طغى على الساحة الجنوبية وهو :
لماذا لا يوجد حامل سياسي وقيادة موحدة للحراك الجنوبي السلمي تقود العمل السياسي وحاليا العمل العسكري المقاوم؟
بالنسبة لهذا السؤال والرد عليه, فأنني بكل تواضع وانا لست السياسي المحترف .. لكنني اداريا وعلميا يمكنني الرد وما ينطبق على الادارة ينطبق على السياسية في امور كثيرة.
لا شك ان لدينا في الجنوب شبه اجماع ولدى غالبية المكونات السياسية الحراكية منها و الحزبية تطالب بالخروج من الوحدة وهذا الامر تتفق عليها معظم هذه المكونات بل ومعظم الجنوبيين, لكن عندما نقرأ في مختلف ادبيات و منشورات ومواقف هذه المكونات نجد الاختلاف فيما بعد الخروج من الوحدة.
هناك من ينادي باستعادة الهوية ( وهذا امر بحاجة الى اتفاق) او باستعادة الدولة الجنوبية ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) وهذا محل خلاف او ببناء الدولة الاتحادية الجديدة في الجنوب كل هذا يقودنا الى الاستنتاج اننا لم نصل الى الاتفاق على الرؤية الحقيقية لمستقبل الجنوب .
هذا الاختلاف في الرؤى مرده يعود الى الخلفيات السياسية والثقافية للمكونات الجنوبية والتي وجدت نفسها امام ظاهرة فريدة في حركات الثورات حيث جاء هذا الحراك الجنوبي السلمي مختلفا عن ثورات كثيرة في سلميته ونشاطه وغياب حامل سياسي له موحد فهو حراك شعبي لا قيادات له وليس تابع لتنظيم او تنظيمات سياسية بل ظهرت قوى كثيرة سعت ان تحتكر قيادته ولكنها فشلت باللحاق بحركة الجماهير .. التي تطور موقفها , وهذا امر بدا واضح للبعض من سنوات الحراك الاولى ان لم نقل من سنته الاولى حيث تجاوز المكونات التي ظهر في بداياته ( منتدى التصالح والتسامح وحركة العسكريين الجنوبيين) واصبح حركة الجماهير فيها اكثر تقدما في مطالبها وحولته من من مجرد مطالبات حقوقية ومساواة الى رفض الوحدة وثورة ضد الاحتلال اليمني الذي مارس سياسات قمعية واقصائية لم تعرفها شعوب كثيرة في العالم خضعت لأسوأ أنواع الاحتلال .
مثل هكذا اختلاف يكشف عن حقيقة واحدة هي اننا لم نتفق بالرؤى لأننا لم نكن ننطلق من نفس المنطلقات والثقافة وبالتالي لن نصل الى خلق حامل سياسي موحد ولو حتى على شكل جبهة وطنية نتفق فيها على الاهداف الرئيسة وهي الخاصة بالهوية ونظام الدولة القادمة وماذا عن قضايا المصالحة عندها يمكننا القول باننا نستطيع ان نصل الى الروية المشتركة والقيادة المشتركة.
ما يقلق كثير من المخلصين من ابناء الجنوب هو محاولات الاعداء تفريخ و بث تيارات لا علاقة لها بالجنوب من خلال الدعوات تحت مسميات دينية لدربكة مرحلة استكمال التحرير و عند الخلاص من الاحتلال تتحول هذه التيارات الى خلايا ارهابية تخدم مصالح قوى غير جنوبية وتتبع قيادات في صنعاء , ان هذا الامر اصبح واضح ( تظاهرات بعض المرتزقة تحت اعلام القاعدة امس في عدن) ولم يعد هنا امامنا الا العمل من الان على استئصال هذه العصابات قبل ان تستفحل وتصبح مواجهتها حرب اهلية لا تبقي ولا تذر.