سيطرة الطبقة السياسية القديمة على اليمنيين جنوبا وشمالا, ثورة وحراك
سامي غالب
بانعقاد "المؤتمر الوطني لشعب الجنوب" برئاسة محمد علي أحمد, اكتملت حلقة سيطرة الطبقة السياسية القديمة على اليمنيين جنوبا وشمالا, ثورة وحراك, ساحات وقاعات, مرافئ ومنافي!
لنجري جردا سريعا بالمناسبة:
- اندلعت ثورة شبابية مجيدة قبل نحو عامين أطاحت بالرئيس علي عبدالله صالح (69)* ليحل محله نائبه الرئيس عبدربه منصور هادي (67)؛
- في الأثناء واصل نائب الرئيس الأسبق علي سالم البيض (74) حربه الاستردادية من المنفى لاستعادة الجمهورية التي أعلنها في 21 مايو 1994 باسم "جمهورية اليمن الديمقراطية", والبيض هو أول وزير دفاع في الدولة الجنوبية التي أعلنت في 30 نوفمبر 1967؛
_ عقب مذبحة جمعة الكرامة أنشق علي محسن الأحمر (68) قائد المنطقة الشمالية الغربية وقائد الفرقة الأولى مدرع, وأعلن تأسيس تشكيل باسم أنصار الثورة, ثم صار عضوا في المجلس الوطني لقوى الثورة. علي محسن الأحمر هو أقوى مساعدي صالح خلال حقبة حكمه, وهو لم يتردد في اعتبار نفسه الرجل الأول في عهد صالح حسب تصريحات صحفية له؛
_ تم قبل عام التوقيع على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية في الرياض من قبل الشيوخ الممسكين بالقوة والنفوذ والأحزاب.
الشخصيات الرئيسية التي تمثل الطرفين جميعها من مواليد النصف الأول من القرن الماضي؛
_ طبق المبادرة والألية التنفيذية تشكلت حكومة وفاق (وهذا اسم الدلع, فهي في الواقع حكومة شقاق ونفاق), يرأسها محمد سالم باسندوة (76)؛ وباسندوة هو من قادة جبهة التحرير التي تأسست منتصف الستينات لقتال المستعمر البريطاني, وهي الجبهة التي خسرت المعركة أمام الجبهة القومية التي انفردت بحكم الجنوب بعد الاستقلال؛
_ في نوفمبر 2011 انعقد المؤتمر الجنوبي الأول في القاهرة, وتمخض المؤتمر عن قيادة مؤقتة تضم علي ناصر محمد (72) وحيدر العطاس (73) وصالح عبيد أحمد (65) وآخرين من المجايلين.
علي ناصر محمد وحيدر العطاس هما رئيسان يمنيان سابقان؛
_ طبق المبادرة والالية تشكلت لجنة فنية للتحضير للحوار أختير لرئاستها عبدالكريم الإرياني (77).
الارياني رجل حاضر على الدوام في المواقع الحكومية منذ مطلع السبعينات, وترأس الحكومة مرتين في اليمن الشمالي؛
_ ارتقى علي عبدالله صالح, بالمبادرة والوفاق, من مرتبة الرئيس إلى مرتبة الزعيم, فهذا هو وصفه في قيادة حزبه (المؤتمر الشعبي العام), الحزب الذي أسسه قبل 30 سنة, كتنظيم شعبي يتصدر الواجهة؛
_ لم لا؟ التناغم والانسجام مطلوبان للمرحلة الوفاقية تماما كما كان الحال في مراحل الشقاق, فالأحزاب المعارضة السابقة التي حملتها موجة الثورة الى الحكم يقودها رجال (ذكور) من مجايلي صالح (عمرا واشتغالا في السياسة), فجميعهم ستينيون.
_ في سبتمبر الماضي أكد حسن باعوم (70) افتراقه عن الرئيس الشرعي البيض, عبر انعقاد مؤتمر حراكي في عدن خرج بقيادة برئاسته.
_ أخيرا تمكن محمد علي أحمد (68) أمس من ترؤس مكون حراكي جديد تشكلت هيئاته في عدن أمس.
محمد علي أحمد من مقاتلي حرب التحرير, ومحافظ أبين الأسبق.
هؤلاء المعمرون الذين تنتظمهم القائمة الذهبية** أعلاه, أسهموا بفاعلية واقتدار في صوغ اليمن الحديث والمعاصر, وسطروا تاريخا من المآسي والحروب وهدر الأعمار والثروات, شاركوا في حروب أهلية وداخلية وبينية (شمال وجنوب), تورطوا في انقلابات عسكرية وحروب تطهير ثورية, تطبعوا على قوانين الحرب الباردة وتوزعت ولاءاتهم طبق مقتضياتها, شرقا وغربا, مشرقا ومغربا, وكانوا على الدوام سلاح إشارة وقوات صاعقة في قلب اليمن وعلى أطرافها, حتى أنهم لا يرون في اليمن إلا "دولة حاجز" حسب الطلب الاقليمي والدولي, من محاربة الشيوعية إلى محاربة الإرهاب إلى محاربة الشيعية!
هؤلاء المعمرون الذي لا يحبون كتابة سيرهم الذاتية (كما يفعل القادة الكبار, فعلا وانجازا وليس عمرا, في الدول المتحضرة), سرق و"مبهررين", يسرقون أعمار شعوبهم إذ يمسكون بزمام القوة والثروة والأحزاب, ويسدون النصح للشباب مطلقين المناشدة تلو الأخرى لهم: أن اصبروا وصابروا في الساحات!
المشهد شائخ, كارثي وينذر بسنوات عجاف, وجب الدعاء للبلد ولهم بحسن الختام.
* الأرقام بين هلالين هي الأعمار التقريبية للسياسيين اليمنيين, أوردتها اعتمادا على ذاكرتي.
** القائمة ذهبية لأن أغلبهم يحتفل بمرور 50 عاما على انخراطه في النضال الوطني!
*** العنوان من لدن شبوة برس