ظَلّ الرئيس اليمني السابق علي عبد الله يردد مقولة من يحكم اليمن مثل الذي يرقص على رؤوس الثعابين ولكن في الحقيقة كانت ثعابين غير سآمّة بالنسبة له، لأنه استطاع أنه يروّض تلك الثعابين بإعطائهم كل ما يريدون ما عداء الاقتراب من كرسي السلطة، ومعظم تلك الثعابين إذا لم تكن جميعها هي من صنيعته ظهرت وانتشرت أثناء فترة حكمه لليمن الذي أمتد إلى ما يقارب 33 عاما.
أستلم الرئيس عبد ربه منصور هادي الحكم والبلد في حالة صراع وفقر وانفلات أمني غير مسبوق، وكل هذه الثعابين التي استطاع صالح ترويضها بطريقته الخاصة شعرت بأن المميزات التي كانت تحصل عليها أثناء فترة حكم صالح قد تتقلص أو تنتهي في عهد الرئيس هادي فعمدت على مهاجمة الرئيس هادي وحتى من كان يقول أنه يرقص على رؤوس الثعابين أصبح سيّد الثعابين التي تعمل على إجهاض الفترة الانتقالية التي يقودها الرئيس هادي كما يقول كثير من المراقبين للشأن اليمني.
الحقيقة التي يجب إن يعرفها الجميع بأن هادي رئيسا لكل اليمنيين وليس لفصيل أو جماعة معينة، كما أنه لا يمتلك العصا السحرية لحل كل مشاكل اليمن بمجرد إن وصل إلى كرسي الرئاسة ولكنه يعمل جاهداً على الأقل لإصلاح ما أفسدته العقدين الماضية في الوقت الذي فيه الأحزاب والقوى المؤثرة غير متعاونين معه بل ويعملون على عرقلة أي عمل يقوم به.
حزب المؤتمر الشعبي العام يعتبرون بأن الرئيس هادي واحد منهم (مؤتمري) ويرون بأن على هادي تنفيذ كل مطالبهم بما فيها حتى الانقلاب على كل الاتفاقيات الأخيرة الخاصة بنقل السلطة وإعادة بقايا النظام السابق إلى حكم اليمن مرة أخرى، أي إعادة إنتاج النظام السابق.
ويرى التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين فرع اليمن) بأن من أوصل هادي إلى سدّة الحكم هو حزبهم وأنصاره من خلال تزعمهم الثورة التي أصاحت بسلفه صالح، ويرون إن على هادي تنفيذ كل مطالبهم بما فيها تسليمهم جميع أو اغلب مفاصل الدولة المهمة وتحريك الجيش لمحاربة كل من يظنون أنه يشكل خطرا على حزبهم.
أمّا القبائل وشيوخها فلا يمانعون في الوقت الحالي إن يكون هادي رئيسا لليمن ولكنهم يرون أن على هادي تنفيذ ما جرت عليه العادة بأن تكون القبيلة وشيوخها هم الحكام الفعليين لليمن تحت قاعدة (أنت رئيسي وأنا شيخك).
ويرى أنصار الله (الحوثيين) بأن اعتراف الحكومة الجديدة بالمظلومية التي وقعت عليهم أثناء فترة حكم صالح تعطيهم الحق والمبرر بفعل كل ما يريدون فعله حتى لو وصل بهم الأمر إلى اجتياح العاصمة صنعاء.
أمّا بالنسبة الحراك الجنوبي الذي أعلن صراحة بأنه غير معني بما يجري في صنعاء وبأنه يناضل سلميا من أجل استعادة الدولة الجنوبية التي يقول أنها محتلة من قبل الشمال بعدما تم اجتياحها في حرب صيف 1994م، يرون بأن أي سلطة في صنعاء تأتي في ظل بقاء الجنوب تحت سيطرت حكومة صنعاء يعتبرونها سلطة محتلة، ما يعني أنه لا يوجد عندهم فرق سواءً تغيّر الرئيس أم لم يتغيّر، تغيّرت الحكومة أم لم تتغيّر.
بالإضافة إلى التنظيمات المسلحة والتي أعلنت صراحة حربها على الدولة كتنظيم القاعدة وأنصار الشرعية وغيرها من التنظيمات التي تشكل خطرا على اليمن وغير اليمن.
وكل هذه الانقسامات والاختلافات والتعقيدات تشكل عائقا كبيرا أمام الخطّة التي يعمل عليها الرئيس هادي للخروج بالعملية الانتقالية إلى بر الأمان وبناء اليمن الجديد الذي ينادي به.
وعدد ولا حرج المتطلبات التي ينتظرها المواطن اليمني من السلطة الجديدة ومنها الاحتياجات الأساسية وفي مقدمتها الأمن والماء والكهرباء والتعليم والصحة والوظيفة التي تكاد معدومة، ومن أجل توفير الاحتياجات الأساسية المذكورة آنفاً فلابد من محاربة والقضاء على السلبيات التي تفتك باليمن وفي مقدمتها، الإرهاب والمخدرات والفساد بشتّى أنواعه كالرشوة والمحسوبية والتزوير وغيرها، وإخضاع أصحاب النفوذ من العسكر والمتأسلمين وشيوخ القبائل الذي يرون أنفسهم فوق القانون للالتزام بالنظام والقانون كغيرهم من مواطني اليمن، وهذه الأمور لا يمكن أن يقوم بها الرئيس ومن معه لوحدهم إذا لم تتوفّر القناعة لدى الجميع بأن الأوضاع قد تغيّرت وبأن على الجميع القبول بالمتغيّرات.
نسأل الله إن يكون في عون هادي ما دام هادي في عون الشعب.
والله من وراء القصد،،،
11 مايو 2014م.