أيهما أفضل: العمرة أم الصدقة؟

2025-11-20 16:54

 

الذي أراه راجحًا أن الصدقة أفضل من العمرة بمراحل، حيث إن نفع العمرة خاص بالمعتمر، أما الصدقة فإنها تتعداه إلى الآخرين. يدل على ذلك أن ثمة آيات عديدة تحث على الصدقة، لا نجد مثلها متعلقًا بالعمرة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يقول سبحانه:

 

{فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)} البينة.

 

فانظر كيف قدّم الله جبر الخواطر على الإيمان والصبر والتراحم.

 

                          بسم الله الرحمن الرحيم:

{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)}

 

السورة نفسها تسمى *الماعون*، وهو كل ما يستعين به الناس على قضاء حوائجهم. فأول صفة من صفات المكذبين بالدين أنهم يدفعون اليتيم فلا يعطفون عليه، وهم أيضًا لا يحثون غيرهم على إطعام المسكين، ذلك لأن الدال على الخير كفاعله. ثم الويل للمصلين، ولم يقل "مقيمي الصلاة"، لأنهم أهل رياء ولا يعرفون طريقًا للعطاء.

 

الأمر الوحيد الذي يتمناه الإنسان حين موته أن يُمهل ليتصدق، حيث لم يطلب مهلة ليعتمر مثلًا أو حتى ليصلي، وإنما ليتصدق. قال تعالى:

 

{وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11)} المنافقون.

 

ثم إن الصدقة دليل الصدق، ودليل التصديق بما عند الله عز وجل.

 

والصدقة من أفضل أنواع الجهاد، بل الجهاد بها مقدم على الجهاد بالنفس، وهو مقدم على الجهاد بالنفس في سبعة مواضع من القرآن الكريم، منها قوله تعالى:

 

{لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88)} التوبة.

 

لكن الثقافة العامة ـ وخاصة عند المصريين ـ على عكس ذلك، بسبب الدعاية من مكاتب السفر، حتى إنهم يتوهمون أن عمرة رمضان كحج مع النبي العدنان.