استهداف النخبة الحضرمية بعد إفشال مخطط الإخوان

2025-10-19 21:44
استهداف النخبة الحضرمية بعد إفشال مخطط الإخوان
شبوه برس - خـاص - وادي حضرموت

 

8- شبوة برس – مصعب عيديد خاص/ الوادي 

في ظل الأوضاع الراهنة في محافظة حضرموت تشير المعلومات المستقاة من مصادر محلية إلى بوادر استهداف مباشر للقوة الأمنية المعروفة بالنخبة الحضرمية من قبل تيارات سياسية تنسبها بعض التحليلات إلى حزب الإصلاح والذي يعد في نظر كثيرين الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن وهذا الاستهداف يأتي عقب ما وصف بأنه إحباط لمخطط واسع النطاق كان يهدف إلى تقويض حضور النخبة الحضرمية ودورها في المحافظة من خلال تقليص نفوذها أو إدخال قوى جديدة تعيد ترتيب المشهد الأمني والسياسي لصالح جهات مناوئة للمشروع الجنوبي

النخبة الحضرمية تعد إحدى أهم التشكيلات العسكرية في الجنوب وقد لعبت دورا بارزا في تأمين ساحل حضرموت والتصدي للتنظيمات الإرهابية وفرض الاستقرار في مناطقها منذ تأسيسها وهي تحظى بدعم شعبي واسع في المحافظة نتيجة لأدائها الأمني الفعال وقدرتها على ملء الفراغ الأمني الذي تركته القوى التقليدية التي اتسم أداؤها بالضعف والانحياز السياسي

في الوقت الذي تتحدث فيه تقارير إعلامية عن هدوء نسبي في ساحل حضرموت تصاعدت مؤشرات الاستهداف للنخبة الحضرمية بشكل متسارع إذ حذرت مصادر سياسية من وجود تحركات يقودها تيار الإخوان عبر معسكرات المنطقة العسكرية الأولى المتمركزة في وادي حضرموت وذلك بالتنسيق مع عناصر أمنية وعسكرية كانت ترتبط سابقا بالحزب وتعمل على إعادة تموضعها داخل الساحل الحضرموتي من خلال اختراق وحدات النخبة وإحداث تفكك داخلي في بنيتها التنظيمية

ورغم إحباط المرحلة الأولى من هذا المخطط كما تشير المصادر إلا أن المؤشرات على الأرض لا تزال توحي بأن المعركة لم تنته بعد بل انتقلت إلى مرحلة جديدة أكثر تعقيدا حيث بدأت التهديدات تأخذ طابعا مباشرا وصل حد التهديد بالقتل ضد بعض قيادات وضباط النخبة من قبل جهات ترتبط فكريا أو تنظيميا بالإخوان وسط حملة إعلامية منظمة تهدف لتشويه سمعة هذه القوة واتهامها بالتبعية لأطراف خارجية لتبرير استهدافها أمام الرأي العام

هذا التوجه يعكس رغبة واضحة في إزاحة النخبة من المشهد الأمني في الساحل وفرض ترتيبات جديدة تسمح بعودة القوى التقليدية التي ترى في النخبة تهديدا لمصالحها السياسية والاقتصادية خصوصا في ظل الحديث المتزايد عن مطالب أبناء حضرموت بإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى وتمكين أبناء المحافظة من إدارة شؤونهم الأمنية والعسكرية بأنفسهم

وتشير المعطيات إلى أن الصراع لا يقتصر فقط على البعد الأمني بل يمتد إلى التنافس على تمثيل حضرموت سياسيا في المرحلة القادمة حيث ترى قوى محسوبة على الإخوان أن استمرار هيمنة النخبة الحضرمية المدعومة من المجلس الانتقالي الجنوبي قد يؤدي إلى تكريس خيار الانفصال أو على الأقل تعزيز مشروع الحكم الذاتي للجنوب وهو ما يتعارض مع توجهاتها الوحدوية المعلنة

ويبرز هنا الدور المحوري للنخبة الحضرمية ليس فقط كقوة أمنية بل كرمز من رموز الوجود الجنوبي في المحافظة ما يجعلها هدفا مباشرا لكل من يسعى لتغيير هوية حضرموت أو توجيهها بعيدا عن التوجهات الجنوبية وهنا يظهر أن المعركة أكبر من مجرد نزاع عسكري أو أمني بل هي صراع على الانتماء والهوية والمستقبل

من جهة أخرى تبرز تحديات أخرى تواجه النخبة منها محاولات استقطاب أفرادها وشراء ولاء بعض القيادات من خلال الإغراءات المالية أو التهديدات المتعددة في إطار حرب نفسية تهدف إلى تفكيك الجبهة الداخلية للنخبة وخلق حالة من الإرباك والانقسام كما أن هناك محاولات لزج النخبة في صراعات قبلية أو سياسية من أجل استنزافها وتشويه صورتها لدى السكان المحليين

أما ما يتعلق بالمخطط الذي تقول المصادر إنه قد أُحبط فالمعطيات تفيد بأن اليقظة الأمنية وتكاتف المكونات الجنوبية والمجتمعية لعبت دورا محوريا في إفشال المرحلة الأولى منه غير أن التهديدات ما زالت قائمة والتحذيرات من أن هناك إعادة ترتيب للصفوف تجري خلف الكواليس بهدف إعادة المحاولة بصورة مختلفة ربما عبر اختراقات سياسية أو عبر تقويض الدعم اللوجستي للنخبة وتحريك الشارع ضدها من خلال تأليب القبائل أو تضييق الخناق عليها اقتصاديا

في المقابل تواصل النخبة الحضرمية أداءها في الساحة مدعومة بغطاء شعبي واسع وموقف سياسي جنوبي موحد يرفض أي محاولات للمساس بها أو سحب صلاحياتها أو إدخال قوى غير جنوبية إلى الساحل وهذا ما يعبّر عنه الحراك السياسي والإعلامي في حضرموت مؤخرا والذي يطالب بإعادة ترتيب المؤسسات العسكرية في المحافظة على أساس الولاء للأرض والانتماء المحلي

في هذا السياق من الواضح أن الاستهداف المتجدد للنخبة الحضرمية ليس سوى جزء من معركة أكبر تدور رحاها على مستقبل حضرموت والجنوب عموما وهي معركة بين قوى ترى في الجنوب كيانا يجب أن يبقى تحت السيطرة المركزية وقوى تناضل من أجل تمكين أبناء الجنوب من حكم مناطقهم وبناء مستقبلهم بعيدا عن الهيمنة التي مارستها مكونات بعينها لعقود طويلة

لذا فإن ما يجري اليوم في حضرموت من تحركات ضد النخبة الحضرمية لا يمكن فصله عن السياق العام للصراع في اليمن بل هو امتداد له وتجلي من تجلياته المحلية حيث تتخذ القوى المناهضة للجنوب من حضرموت نقطة انطلاق جديدة بعدما تراجع نفوذها في مناطق أخرى في عدن وأبين وشبوة وهذا ما يفسر التوقيت الحالي للهجمة