أقول أن :(الكلمةُ عهد، وشرفها في صدقها، لا في قهرها) .
ليس من المقبول أن نلزم أنفسنا بمواثيق والتزامات، ثم نحاول لاحقاً فرضها على الآخرين، لمجرد أنهم عبّروا عن رأي لا يتطابق مع ما نريد أو نقول. إن حرية التعبير ليست امتيازاً نمنحه وننزعه وفق الأهواء، بل هي حقٌّ أصيل لا يكتمل شرف الكلمة إلا بصونه.
الصحافة، في جوهرها، ليست مهنةً نمارسها لتزييف مضامينها، ولا منصّةً نستخدمها لنقوّض المبادئ التي نشأت من أجلها. إنها رسالة ومسؤولية، ومن العبث أن ندّعي حمايتها فيما نحن أول من يجهز على روحها، حين نقرّ بحقٍ ثم ننقضه بأيدينا.
شتّان بين قلم يكتب ليضيء درب الحقيقة، ويجلو مظلمة، وينتصر لحقٍّ عام أو قضية عادلة، وبين من يتخذ من الكتابة وسيلةً للتشويه والوصم والتهييج باسم الانتصار لذاته أو لحزبه أو جماعته. فليس كل من كتب سطرًا صار كاتبًا، ولا كل من احتلّ زاوية في صحيفة أصبح من أهل الرأي.
إن الكلمة الحرة لا تخشى التعدد، ولا ترتعد أمام الاختلاف، بل تزدهر وتسمو في بيئة الرأي والرأي الآخر، حيث تحترم الناس عقولها ولا تفرض وصاية على غيرها.
فلنحذر من أن تكون أقلامنا معاول هدم بدل أن تكون أدوات بناء. ولنحفظ للكلمة معناها الأصيل، فهي إن لم تكن شرفًا ومسؤولية، صارت مجرد وسيلة أخرى للقمع والابتذال.