من يتابع الأوضاع الكارثية التي تعيشها عدن اليوم، يدرك أن الصمت خيانة، وأن التهاون جريمة بحق هذه المدينة الصابرة،
الكهرباء منقطعة، الخدمات مشلولة، والمعاناة تتفاقم، بينما البعض لا يزال يغرق في الشعارات القديمة ويجتر الفشل وكأن الزمن متوقف منذ 1967م.
قرأت تغريدة الأستاذ لطفي شطارة، التي دعا فيها إلى تسليم عدن لإدارة مجموعات شركات "بيت هائل"، ولأول مرة منذ سنوات، شعرت أن هناك من تجرأ على قول الحقيقة المرة التي يخشى الآخرون الاقتراب منها.
لقد وصل الرجل إلى قناعة واضحة، عدن لا تُنقذ بالخطابات ولا بالشعارات، بل بإدارة احترافية مؤسساتية، بعيدة عن الفساد، والمناطقية، والعسكرة،
يجب أن نناقش هذا الطرح بعقلانية، بدون شيطنة أو تحامل مناطقي، فإدارة المدن علم وفن، لا علاقة له بالتحزب أو توزيع الغنائم.
تجارب الدول المتقدمة أثبتت أن تسليم إدارة المنشآت والمدن لشركات متخصصة هو الطريق الوحيد للنهضة، هل نريد إنقاذ عدن أم نواصل دفن رؤوسنا في الرمال؟
استغربتُ عندما حذف الأستاذ لطفي شطارة تغريدته، رغم أن طرحه لم يكن سوى فكرة قابلة للنقاش، لكن يبدو أن واقع الحقد والكراهية والمناطقية أجهض حتى مجرد التفكير خارج الصندوق!
دعونا نكون واضحين:
العالم كله يسلم منشآته الحيوية لشركات كبرى لإدارتها بكفاءة،
شركة ABB السويسرية مثالٌ حي: في زيورخ، تدير مشاريع لتحسين الطاقة،
في لندن، تطور نظام النقل العام.
في سنغافورة، تحسن إدارة المياه،
في دبي، تسهم بإدارة المباني العامة.
وفي منطقتنا العربية، تعمل ABB بنجاح مع مدن سعودية وإماراتية ومصرية.
لماذا لا نتعلم من هذه التجارب؟ لماذا الإصرار على العيش في مستنقع الفشل؟!
إن شركات بحجم "بيت هائل" تدار بخبراء من كل أنحاء العالم واليمن، وليست حكراً على منطقة أو جماعة، وهذا سر نجاحها.
أما نحن، فقد حوّلنا عدن منذ خروج الاستعمار إلى مزرعة للصراعات وتوزيع المناصب بين الأقارب والأصحاب!
لقد رفضنا سابقاً أن تدير المملكة المتحدة مستشفى الملكة إليزابيث (الجمهورية حاليًا)، فماذا كانت النتيجة؟
انهار المستشفى وتحولت عدن إلى مدينة تتسول أبسط الخدمات.
يجب أن نعترف:
لقد فشلنا في إدارة عدن والجنوب منذ 1967م،
ولولا الدعم السوفيتي حينها، لكان شعبنا مات جوعاً.
اليوم، الفرصة أمامنا:
إما أن نتحلى بالشجاعة ونتبنى فكرة تسليم عدن لإدارة احترافية،
أو نستمر في الدوران في حلقة مفرغة من الخراب والفوضى.
تحية للأستاذ لطفي شطارة على جرأته وصدقه.
ومن يفهم ما بين سطور تغريدته، سيدرك أن القادم أسوأ بكثير مما نتصور إن لم نتدارك الأمر الآن.
عدن اليوم تحتاج قراراً شجاعاً لا شعارات كاذبة،
عدن اليوم تحتاج من ينقذها، لا من يزيد مآسيها،
عدن أكبر من الجميع، ومصيرها لا يجب أن يظل رهينة لأخطاء الماضي.
#أنقذوا_عدن
#عدن_تحتضر
#عدن_أمانة_في_أعناقنا
الجنوب سيظل حراً أبياً شامخاً لا ينكسر..
✍️ ناصر العبيدي