فساد تفوق على كل الفساد..!!

2025-01-23 17:25

 

لطالما كان الفساد والفوضى عاملين أساسيين في انهيار الأمم وزعزعة استقرارها، ويبدو أن الوضع الحالي في بلادنا ليس استثناءً. 

 

يستشهد الباحث الإيطالي ديفيد أنتوني في جامعة كاليفورنيا بتاريخ المافيا الإيطالية كنموذج لتأثير غياب العدالة الاجتماعية، كانت صقلية، التي عانت من نظام الحكم الإقطاعي، تفتقر إلى مفهوم العدالة المشتركة، مما أثار سخط الفقراء ودفع بعض الجماعات للظهور تحت ذريعة مساعدة الفلاحين، ولكن سرعان ما تحولت هذه النوايا "النبيلة" إلى طمع وجشع، إذ احتكرت هذه العصابات الموارد واستبدلت الدولة في مهامها، من فرض الأمن إلى جمع الضرائب...! 

 

لهذا نتسأل أين نحن من هذا، هل تحكمنا مافيا أم شلل فاسدة...!؟

إذا كانت المافيا قد بنيت على "مبادئ شرف خاصة" لتنظيمها الداخلي، فإن واقعنا أشد خطورة، حيث تسيطر شلل فاسدة لا تمتلك حتى هذا المظهر من المبادئ، نحن نواجه مشهداً مأساويا..انهيار العملة، صعوبة الحصول على لقمة العيش، وغياب شبه كامل لدور الحكومة في تلبية احتياجات الشعب.

 

لقد أصبحت الظروف أكثر تعقيداً، حيث تتحكم كتل متعددة في مصير البلاد، وهي نفسها مخترقة وغير مدركة لمدى تأثير ذلك، أما الحكومة، فوجودها شكلي فقط، وامتيازات وزرائها تتخطى بأضعاف جهودهم المبذولة..!

 

شعب يبحث عن بدائل...

في ظل هذا الواقع، يُترك المواطن الجنوبي للبحث عن بدائل في كل جوانب حياته. بدائل للطاقة، للمياه، وحتى للعيش الكريم، والأدهى من ذلك، ظهور "بديل" للتعليم يتمثل في الجهل، هذا البديل يدفع بالمجتمع نحو المخدرات والفوضى، وهو طوفان مدمر لن يترك أي كيان في مأمن...!

 

فساد النفط.. نموذج صارخ

أزمة النفط مثال حي على هذا الفساد. توقف مصافي عدن عن العمل، ومحاولات تفكيك شركة النفط فرع عدن، بشتى الوسائل والطرق، واستبدالها بنفط مهرّب وغير معروف المصدر، يعكس مسرحية محبوكة تهدف إلى تفكيك المنطقة ودفعها نحو الفوضى، كل ذلك يتزامن مع انهيار الريال أمام الدولار وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، مما يزيد من معاناة الشعب ويقضي على أي أمل في الإصلاح...؛ 

 

دور المجلس الانتقالي... إلى أين...!؟

أمام هذا الوضع الكارثي، يقع على عاتقه مسؤولية كبيرة. يجب أن يتخذ موقفاً واضحاً وصريحا، وأن يصطف بجانب الشعب الجنوبي لمواجهة هذه الفوضى، وأن تبذل كل جهد ممكن نحو معالجة ملف الفساد الذي يكاد يطيح بالاستقرار في البلاد، الشعب بحاجة إلى قيادة واعية وقادرة على اتخاذ قرارات جريئة تنقذه من هذا المستنقع. 

 

فلا تركنوا على الحكومات الشرعية المتعاقبة، وادواتها من بقايا النظام العفاشي، والاخونجي الاصلاحي، وإن محاربة فسادهم يحتاج إلى وقفة حازمة، وإرادة وطنية حقيقية وإلى تضافر الجهود بين جميع شرفاء الجنوب، لأن استمرار الوضع الحالي يعني انهيارا شاملاً لن ينجو منه أحد...!! 

 

 

✍️ ناصر العبيدي