(1)
رسالة شبوة
خلال اليومين الماضيين جاءت من مديرية مرخة بمحافظة شبوة لقطتان هامتان تتمحوران في قضية واحدة تقريباً:
الأولى كانت عبارة عن مقطع فيديو لفرد ما غير معروف الهوية والأهداف، لكن يمكن التكهن بأهدافه من خلال الهتاف الذي كان ينادي به من على مقر المجلس الانتقالي في المديرية، الذي يقول فيه: "لا انتقالي بعد اليوم"، ويعلن رفضه لإقامة فعالية انتقالية في المديرية، يبدو أنها (أي هذه الفعالية) تأتي في إطار فعاليات ما عرف بـ"فريق التواصل والتوعية السياسية" المبعوث من قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي إلى المحافظات والمديريات.
والثانية جاءت هي الأخرى على شكل مقطع فيديو آخر لعدد من الرجال من نفس الموقع (مقر المجلس الانتقالي في المديرية) يحملون علم الدولة الجنوبية وشعار المجلس الانتقالي الجنوبي، ويردون فيها على صاحب اللقطة الأولى ويؤكدون تمسك أبناء المديرية، بمشروع المجلس الانتقالي والإصرار على استعادة الدولة الجنوبية،
الحادثتان تحملان عدداً من الرسائل المهمة ليس فقط إلى المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة اللواء عيدروس الزبيدي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ولا إلى السلطة المحلية في محافظة شبوة بقيادة الزميل المحافظ عوض ابن الوزير بل وللسلطة الشرعية بجناحيها الجنوبي والشمالي وللأشقاء في التحالف العربي.
الرسالة الأولى ومفادها أن شبوة محافظةٌ غير مستقرة بالكامل وأن الجماعات المنفلتة، ومن ورائها الجماعات الإرهابية بجناحيها (الحوثي والداعشي) ما تزال تسجل حضورها في مديرية مرخة وربما في مديريات أخرى، وعلينا أن نتذكر أن مديرية مرخة كانت حتى ما قبل سنوات قليلة مسرحاً للمواجهات المسلحة بين الجماعات الإرهابية والنخبة الأمنية الشبوانية بقيادة المقدم محمد البوحر انتهت (هذه المواجهات) بهزيمة الجماعات الإرهابية واستعادة النخبة الشبوانية تحرير المديرية وضمها إلى مناطق السلطة الشرعية في زمن الرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي أطال الله بعمره، قبل أن ينقضَّ المحافظ الإصلاحي السابق على النخبة الشبوانية ويصفيها بدعم من أشقائه القادمين من محافظة مأرب المجاورة لمحافظة شبوة.
الرسالة الثانية، فحواها أن أبناء شبوة لم يعودوا قابلين للعبث بمصير محافظتهم ومستقبل أجيالهم، وأنهم متمسكون بقضيتهم الأكبر وهي القضية التي دفعوا في سبيلها ومعهم كل محافظات الجنوب، آلاف الشهداء والجرحى، قضية حق الشعب الجنوبي في استعادة دولته بحدودها المعروفة، ومن لم يستوعب هذا الدرس عليه أن يتذكر أن قضية الجنوبيين غدت صخرةً تحطمت عليها كل مكائد ودسائس الأعداء، وأن هؤلاء الأعداء أنفسهم اقتتلوا وانقلبوا على بغضهم وتمزقوا إرباً ومات بعضهم وقتل بعضهم وهرب بعضهم وتحالف بعضهم مع الجماعات الإرهابية (بشقيها الحوثي والداعشي) وهذه القضية لم تمت ولن تموت مهما حوَّر وعدَّلَ الكائدون مكائدهم ومهما تمادى الحكام المستوردون في تكريس سياسات التجويع وحرب الخدمات على الجنوب والجنوبيين والعبث بثرواتهم وشن الحروب عليهم.
المشهد الجنوبي يزداد تعقيداً والمكائد والدسائس ضد الجنوب والجنوبيين تزداد تنوعاً، وهذا ما سنتناوله في وقفة قادمة..