لهذه الأسباب على الأنظمة العربية الذهاب إلى دمشق:

2025-01-02 04:51

 

هُما على الأقل سببان وجيهان يحملان الأنظمة العربية ولو على مضض للذهاب الى دمشق وتطبيع العلاقة مع النظام السوري الجديد بعيدا عن المكابرة وبعيدا فوبيا الاخوان المسلمين و كابوس ثورات الربيع العربي:

– أولاً: ان ترك سوريا وحيدة بهذا الظرف ولهذا الفراغ  الاستثنائي الذي تغيب فيه حضور الدولة السورية ومؤسساتها العسكرية والأمنية والسياسية وتُمر البلاد فيه بمرحلة انتقالية حادة وخطيرة يجعلها اي سورية ويجعل معها العرب بقصد او دون قصد يكررون  التجربة العراقية والليبية وكذا السودانية واليمنية غداة سقوط الأنظمة فيها..فجعل سورية تمضي بذات الدرب على غرار العراق غداة احتلاله واسقاط نظام الحكم هناك عام٢٠٠٣م نهباً لأطماع الدول العظمى والإقليمية واستباحة أرضه وثرواته وتهديد وحدته الجغرافية، فضلا عن إدخاله في دوامة الفتن الطائفية والدينية والعصبية سيعني بالضرورة إضاعة سوريا او عل اقلها انهاكها وتدميرها وجعل تنشب في ظهره مخالب التطرف وتُدميه أنياب الغزاة، خصوصا أن ظروف سورية ومجتمعها وتركيبة بنيويتها تتشابه إلى حدٍ التطابق مع العراق وبالذات بتركيبة الطوائف والقوميات، وبالتالي إن تركها العرب وحيدة وصعروا خدهم لها فلن تكون فرسية للتمزق والفتن فحسب بل ايضا ستكون ساحة مُغرية لأطماع القوى المحيطة بها والتي لا تنفك هذه الدول أجهر لنواياها الاستعمارية والاستحواذية. فهذه تركيا التي  يتملكها الزهو والخيلاء باسقاطها للنظام في دمشق تشمّر سواعدها لإحياء الوجود العثماني على تخومها الجنوبية، في وقت تبسط فيها أجنحتها بكل الأرجاء بالمنطقة العربية، من سورية والعراق شمالا الى ليبيا غربا والسودان والصومال جنوبيا، وإذا ما وجدت الساحة السورية خالية لها من الحضور العربي  ستكرس هذه الأطماع على الواقع السوري حتى التغوّل والتمكن.

 وهذه إسرائيل هي الأخرى  تكشر عن أنيابها وتشحذ ساطورها وهي الأشد خطرا وخبثا من سواها- إذا ما استثنينا الخبث الأمريكي – وهي ( إسرائيل ) تقف متمنطقة على مرمى حجر من دمشق، نعم دمشق ولا نقول من سورية فقط كونها( إسرائيل ) تحتل أجزاء من أراضيها بالجولان ، والأراضي التي احتلتها مؤخرا  وأهمها جبل الشيخ الاستراتيجي.  وسيغريها غياب العرب بمزيدٍ من الأطماع وتوسيع الاستيطان وإخضاع سورية شعبا وحكومة ومقاومة، وجرّها بالتالي الى حظيرة التطبيع والإذلال ونهب المقدرات فقد ذُبحتْ معظم الثيران العربية الواحد تلو الآخر.

-ثانياً: إن في سورية الآلاف المؤلفة  من المقاتلين العرب   والأجانب الذين شاركوا  في القتال الى جانب السلطة الحالية ستجد فيهم دمشق عما قريب عبئا ثقيلا عليها ،وستبحث عن طرق للتخلص منهم تحت ضغوطات دولية وضرورات سورية داخلية، وفعلا لقد تصاعدت الدعوات في سوريا لوضع حد لعربدة هؤلاء الذين لا يقيمون  وزنا لخصوصيات وتنوع المجتمع السوري، وهذا يعني بالتأكيد انه سيتم ترحيلهم الى اوطانهم او بقاع اخرى اليوم أو غدا ،وتجد بالتالي الدول العربية وبالذات التي لديها مقاتلين هناك تعاني من ذات التجربة الأفغانية بعد سقوط نظام (نجيب الله) في كابول مطلع تسعينيات القرن الماضي حين عادت مجاميع هائلة  من ما سيمى ب(الأفغان العرب) الى بلدانها وتسببت بمتاعب داخلية لا حصر لها،  وما تزال تداعيات عودتها وهي مشحونة بفكرها الجهادي المدمر تفعل فعلها من التطرف والفوضى حتى اليوم، ولنا في مجاهدي الأفغان العرب اليمنيين والسعوديين مثالا ومبررا صارخا لننبه من تكراره مع مجاهدي سوريا اليوم إن تُركوا دون احتواء، في حال إن لم يذهب العرب أنظمة ونُخبا ودعاة إلى سورية للوقوف على أعداد هؤلاء واستطلاع توجهاتهم المستقبلية بشتى الطرق واستشراف موقف السلطة الحالية في سوريا منهم.

 

*- عن رأي اليوم