شهدت ستينات القرن الماضي أعنف الصراعات العربية _ العربية بين (ماسمي) وقتذاك بالمعسكر الثوري التقدمي بزعامة الرئيس المصري جمال عبد الناصر والمعسكر الرجعي بزعامة الملك الشهيد فيصل بن عبد العزيز ال سعود .. وسخونة مرتفعة في درجة حرارة الحرب الباردة التي برزت بعد الحرب العالمية الثانية بين القطبين الناتو بزعامة الولايات المتحدة ووارسو بزعامة الاتحاد السوفياتي ..
لقد أدى تدخل جمال عبد الناصر العسكري في الانقلاب في اليمن السياسي على الملكية عام1962 ( بصمت مريب) من قبل هيئة الأمم المتحدة إلى احتدام الصراع بين المعسكرين العربيين بالقرب من خزان النفط في الجزيرة والخليج العربي كنتيجة لفشل الوحدة بين مصر و(سوريا) المتزعمة الجهوية الشامية عام 1961 ..
لقد ظن خاطئا جمال عبد الناصر بتدخله العسكري في ماعرف بحرب اليمن إن الجنوب العربي الذي كان يتهيأ لحصوله على استقلاله الوطني كدولة اتحادية في أهم موقع جيو_ سياسي يتحكم في ملاحة التجارة الدولية عبر بحره العربي وخليجه عدن وممر باب المندب الذي يربط (البحرين) المتوسط بالاحمر فلجأ إلى التدخل في شئون الجنوب العربي ونشر الفوضى بتصدير العنف والارهاب بحجة محاربة الاستعمار والامبريالية العالمية والرجعية العربية ولم يكن له سبيلا غير دعم مخابراته لتشكيل جبهات للتحرر باسم الجنوب اليمني المحتل واغداق السلاح والأموال عليها من خلال نافذة تحويل الهوية العربية الجنوبية إلى الجهوية اليمانية في اكبر خديعة يتعرض لها شعب في العالم بأسره.. وظهرت في ضوء ذلك نظرية الفراغ الامني في منطقة شرق السويس..
ورغم أن الهدف من الصراع تحقق (بيمننة) الجنوب العربي في 1967 لكن الغاية لم تتحقق وهي السيطرة على بلاد الحرمين الشريفين وعلى خزان النفط في الجزيرة والخليج حيث اعادت حرب الخامس من يونيو 1967 حسابات كل القوى الإقليمية والدولية..
وهكذا مازالت ذيول وتبعات ذلك الصراع محتدمة في محاولات مستميته لدفن الجنوب العربي وهي محاولات لم تنجح ولن تنجح لعدة أسباب مختلفة من أهمها العمق الحضاري للجنوب العربي مهبط الكثير من رسالات السماء إلى الأقوام القديمة فهل يدرك المتصارعون الحقيقة ويكفوا عن اطماعهم التوسعية ويسلموا بحقائق التاريخ والجغرافيا والجوار الاخوي الحسن ويحفظوا امن واستقرار البلدين الجارين والشعبين الشقيقين في اليمن والجنوب العربي والمنطقة عموما. ؟
الباحث/ علي محمد السليماني