الدعوات لفتح الطرقات الرابطة بين صنعاء وعدد من المحافظات الشمالية رغبة سعودية بدرجة أساسية، فالسلطات المحلية في مدينة مأرب وبعض أجزاء تعز لا يمكنها ان تتخذ مثل هكذا قرار دون أن يكون التحالف والسعودية بالذات هم من أوعز به…هذا القرار على أهميته الانسانية والاخلاقية لا يتعلق فقط برغبة تلك السلطات في مدينة مأرب وغيرها، بل هو مرتبط بالعمليات العسكرية التي لم تنته بشكل رسمي حتى الآن، أي ان الأمر امني وعسكري قبل ان يكون مصلحة وطنية وواجب إنساني وأخلاقي طال انتظاره ،ما يعني ذلك أن ثمة توافق وتنسيق إن لم نقل أوامر سعودية صريحة هي المحرك الرئيس لذلك، ففتح الطرقات أمام المارة من الناس بين مارب وصنعاء، سيفتح معه الطريق السياسي بين صنعاء والرياض لتصير سالكة أكثر.
…. فالسعودية التي أعلنت قبل يومين عبر وزير خارجيتها أن التفاهمات التي تمت مؤخرا بين الرياض وصنعاء ما تزال قائمة، بل أن ثمة تحضيرات تجري لإعلان التوقيع عليها، بحسب ذات المصدر. وبالتالي فالمملكة تود تطبيع الاوضاع على الارض كتهيئة لإنجاز الاتفاق وتعبيد طريقه للتنفيذ، ووضع جميع القوى المنضوية تحت مظلة التحالف أمام أمر واقع يستعصي رفضه، وبناء عامل الثقة بين هذه القوى والتحالف من جهة وبين الحوثيين من جهة ثانية ولقطع الطريق على واشنطن والغرب في اي تدخل بري محتمل.
المملكة قاومت وما تزال الضغوطات الأمريكية الهائلة لإقحامها في تحالف بحري دولي لمجابهة الحوثيين في البحر الأحمر لئلا تعود الحرب إلى نقطة البداية من الاشتعال.
فهي أي المملكة ترى أنه بعد ثماني سنوات حرب دامية متعثرة يكون من الحكمة الاسترشاد بالعقل وبمنطق البراجماتية السياسية. فمثلما كانت المصلحة العُليا للمملكة في القيام بهذه الحرب هي العنوان العريض الذي تحركت تحته القيادة السعودية فلذات المصلحة يتم اليوم المضي قُدما لطي صفحة هذه الحرب والخروج من دوامتها الى الانصراف لتحقيق ما هو أهم بالداخل السعودي من مشاريع اقتصادية ضخمة وإصلاحات اجتماعية طموحة لوضع المملكة في مقدمة ركب شعوب الشرق الاوسط، وهذه الغاية لن تتأتى إلا بوجود استقرار اقليمي، وسكينة بالداخل، وإعادة ترميم العلاقات السعودية مع دول الإقليم. وهو الأمر الذي أنجزته الرياض بالفعل مع كل دول المنطقة التي كانت على قطيعة معها، كان آخرها إعادة العلاقات مع سورية.