يا أهلُ غّزَّةّ سَامِحُونَا

كنَّا الغلافَ وكنتم المضمونا

فبفعلكم أبهرتمُ الأكوانا

كنَّا رهيني الضعفِ حتى جئتمُ

وغدوتمُ في أرضنا العنوانا

ما عاد فينا مثلكم مستبسلٌ

فبلادنا لا تنجبُ الشجعانا

يا أهل غزَّةَ سامِحوا خُذلانَنا

وعقوقنا والزيفَ والنكرانا

وترفعوا عن إثمنا وذنوبنا

فديارنا تَستَعذِب الخُذلانا

مُتنا جميعاً قبلكم فبُعِثتُمو

تستولدون العزمَ والإيمانا

كنَّا نواسي ضَعفَكم وحِصارَكم

واليوم انتمُ خيرُ مَن واسانا

فلقد فقدنا كلَّ شيءٍ عند ما

بعنا المُفيد لنشتري الخُسرانا

وتكالبتْ من حولنا أعداؤنا

تسبي النبيَّ وترفعُ الأوثانا

لكنَّكم جئتم لنا من موتِنا

كي تستردُّوا عزمنا وقوانا

فتعملق الإنسان في أطفالِكم

يستولد المشروعَ والإمكانا

ويصدُّ أعداءَ الحياةٍ برميةٍ

تسقي العدوَّ مذلَّةً وهوانا

*      *      *

يا أهل غَزَّةَ لا تلوموا ضّعفِنا

فبغيركم نتهيّبُ الديدانا

أرض العروبة بلقعٌ من دونكم

وغيابكم يستولدُ الأحزانا

نحنُ الجياعُ وأنتمو مَنْ يُشبعُ الـ

جوعى ومَن يُشفي لَنا مرضانا

نَحن السُّموم وأنتمو من  يَنزَعُ الـ

سُمَّ الذي ينسلُّ بين دمانا

نحنُ الظَّلام  وأنتم النُّور الذي

يضوي الطريقَ ويوقدُ النيرانا

نَحنُ الجفافُ وأنتمُ المطرُ الَّذي

يسقي الحقولَ وينبِتُ الريحانا

وبدون هذا الفضلِ في أخلاقِكم

كنا فقدنا الحق والميزانا

فقلد خَسِرنا بعدُكم سيماءنا

ولقد خسرنا الجودَ والإحسانا

وكما رهننا للعدا أوطاننا

فلقد رهننا الخيلَ والمِيدانا

وكما أضعنا بَعدكم عنواننا

فلقد أضعنا الحقلَ والبستانا

وكما خسرنا مجدَنا وتراثَنا

فلقد خسرنا الشكر والعرفانا

*       *       *

يا أهل غزة أننا في أمةٍ

تهوى الخنوعَ وتَرتَضِي الإذعَانا

حكَّامنا يخشون غضبَة سيِّدٍ

في "بيته المبيضِّ" إن جافانا

ولأجله يستنبتونَ بأرضِنا

ودِيارِنا ما يسعدُ الشيطانا

يتنافسون على إهانة شعبِنا

ويُمَجِّدون الزورَ والبهتانا

طوبى لكم أمجادُكم في أرضِكم

من بعد ما أركَعتمُ الطغيانا

لا لم تموتوا رغمَ كثرةِ قتلِكم

فلقد غدوتم للورى عنوانا 

ولقد بهرتم كلَّ مَن في الكَون إذ

أشعلتمُ الإحساسَ والوجدانا

قمتم بتعريفِ الحياةِ مجدَّداً

وزرعتم الإصرارَ والإيمانا

وكشفتمُ الزيفَ الذي يسطو على

كلِّ العقول ويمدحُ العدوانا

اما الذين تخاذلوا في نصركم

فهم الألى قد غادروا الأزمانا

ماتوا جميعاً قبل أن تستشهدوا

لم يحصدوا سلماً ولا اطمئنانا

وبقيتمُ الأحياء في وجداننا

شمساً تضيء جبالنا وربانا

وبكم ستغدو راية التحرير في

أرض العروبة شعلةً وجنانا

أرواحنا من أجلكم قد أزهرت

تهديكم التبجيل والعرفانا

تدعو الإله بقدره وجلاله

يزجي الشهيد العفو والغفرانا

*- شعر عيدروس النقيب

Sheffield

23/11/2023