هل ستتحول مشاورات الرياض ومخرجاتها إلى مصيدة وخدعة جديدة ضد الجنوب والجنوبيين؟
هذا السؤال هو لب حديثنا في كل هذه السلسلة من الموضوعات التي قد تكون امتدت أكثر مما ينبغي، لكن ما دفعنا إلى التوسع في الحديث عنها هو بعض التعليقات والتساؤلات التي كان لا بد من إيضاح ما يتعلق بها من تفاصيل.
وبالعودة إلى مخرجات المشاورات يمكننا القول إن نجاح هذه المشاورات أو فشلها في تحقيق غاياتها وعدم تحولها إلى خديعة جديدة للجنوبيين، يتعلق بعدد من العوامل سأحاول اختصارها فيما يلي:
وما تجربة المبادرة الخليجية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة طيب الذكر المناضل محمد سالم با سندوة وما آلت إليه من مصير، إلا دليلا واضحا على استحالة حل الأزمات من خلال تجميع المشاريع المتناقضة في وعاء واحد وانتظار طبخة جديدة من مواد تنفي بعضها بعضاً، والقضية الجنوبية هي أكثر قضية يتصارع عليها الطرفان، في الشمال والجنوب، فلا الشعب الجنوبي يقبل باستمرار التبعية لأنظمة من صناعة الحروب وتجارها، ولا الأشقاء في الشمال لديهم الأهلية في إعادة الحقوقة المشروعة للجنوبيين واحترام إرادة الشعب الجنوبي وتطلعاته.
ومن المهم هنا التأكيد على أن البنية السياسية الجنوبية الراهنة بحاجة إلى إعادة صياغة لاستيعاب كل الطيف السياسي الجنوبي حتى المختلفين حول شكل الدولة الجنوبية القادمة، وبالتالي توسيع دائرة التحالفات الجنوبية واختيار أقرب السبل لضمان مشاركة جنوبية واسعة تقوم على القواسم المشتركة المتصلة باستعادة الدولة الجنوبية وضمان أن تكون دولة لكل المواطنين الجنوبيين بمختلف شرائحهم وانتماءاتهم الاجتماعية والجغرافية والمهنية.
ولا يساورني أدنى شك أن قيادة المجلس الانتقالي التي قبلت الدخول في التسوية التي أنتجتها أو تزامنت معها مشاورات الرياض لم تكن تتلهف للألقاب والمسميات الوظيفية في إطار منظومة الشرعية الجديدة، وأنها تدرك حجم المطبات المخاطر التي تنطوي عليها تلك المشاركة، لكنها لا يمكن أن تتخلى عن الشعار الذي ضحى من أجله آلاف الشهداء والجرحى والمعوقين بأرواحهم ودمائهم وهو استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة على أراضي ما عرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، على حدود 21 مايو 1990م.
وأخيرا
أمام الأشقاء الشماليين خيارين للتعامل مع مخرجات مشاورات الرياض:
فإما الاعتراف بحق الشعب الجنوبي في اختيار طريقه المستقل واستعادة دولته، وبالتالي استبقاء التحالف الشمالي الجنوبي حتى تحقيق التسوية الكاملة مع إخوتهم الحوثيين الشماليين.
وإما استمرار التحايل والخداع والمراوغات من خلال الخطابات الزئبقية التي لا تعني سوى استمرار سياسات ما بعد 1994م وبالتالي استمرار التوترات والنزاعات والمواجهات المسلحة بين الشمال والجنوب، وانهيار كل الآمال التي عُلقت على مخرجات مشاورات الرياض.
والله على ما أقول شهيد.