بين سبتة وحضرموت

2021-05-29 06:56

  

برز اسم (سبتة) قبل أيام في الأخبار؛ لكثرة أعداد المهاجرين الأفارقة عبرها إلى السواحل الأوروبية، وتحديدًا إلى الساحل الأسباني المقابل لها، ومدينة سبتة نفسها رغم عروبتها فإنها خاضعة للسيادة الأسبانية، وتطالب المغرب بضمها إليها كما يحتمه واقعها الجغرافي والتاريخي العروبي منذ ما قبل الفتح الإسلامي حتى القرن التاسع الهجري.

   ففي ذلك القرن كان البرتغال، ويطلق عليهم أيضًا (البردقيز)، قد استعظمت قوتهم، فانتشروا فِي الأقطار العربية ولاسيما سواحلها، ومنها سواحل المغرب المجاورة، حتى استولوا سنة 818 للهجرة على مدينة سبتة، بعد حصارها نحو ست سنوات، وكانت آنذاك تحت حكم سلطان المغرب أبو سعيد بن أحمد المريني (ت823 هـ).

   وذكر بعض المؤرخين في كيفية استيلاء البرتغال على سبتة قصة شبيهة بحادثة (قُصيّر) مع (الزباء)، أو بقصة علي بابا والأربعين حرامي ، فقد جاء البرتغال بصناديق مقفلة يوهمون أن بها بضائع، وأنزلوها سرًا بمرسى سبتة، وكانت تلك الصناديق مملوءة رجالًا عددهم أربعة آلاف من المقاتلين، فخرجوا على حين غفلة من الناس، في صبيحة يوم جمعة ، واستولوا على سبتة، وجاء أهلها إلى السلطان في فاس رجالًا ونساء وولدانًا، مستصرخين له، فأنزلهم بمخيمات في الأطراف لعجزه عن نصرتهم، وبقوا هناك حتى تفرقوا في البلاد.

   وسبتة بلد عربي بساكنيه الذين ينتمون إلى أصول تعود قبائل عربية هاجرت من جزيرة العرب إلى السواحل الإفريقية، واستقرت في إفريقيا منذ أزمنة قديمة، واندمجت فيها حتى عُدّت من شعوبها، ويرى بعض العلماء أن (سبتة) هو اسم لقبيلة هاجرت من جنوب جزيرة العرب ، وحدد بعضهم أن قدومهم كان من (شبوة) عاصمة حضرموت ، وسموها باسم منطقتهم شبوة ، ثم تحرف مع الزمن إلى سبتة .

   ومن أبرز علماء سبتة محمد بن عبد المهيمن الحضرميّ ، وهو مؤرخ، من كتبه ( الكوكب الوقاد فيمن حل بسبتة من العلماء والصلحاء والعباد)، وقد توفي سنة 787 هـ، أي قبل نحو ربع قرن من سقوط سبتة من الحاضنة العربية.

*- د أحمد باحارثة