تتصاعد التوترات بين قوات حزب الإصلاح المحسوبة على الحكومة الشرعية والقوات الجنوبية لتنحو الى منحدر خطير ينذر بمواجهات عسكرية واسعة تتعدى المناوشات الحالية التي ما زالت محصورة في نطاق ضيق والتي قد تخرج عن السيطرة في حال لم يتم تدارك الوضع في أسرع وقت ممكن.
الجديد في هذه التوترات هو دخول عنصر جديد كطرف فاعل في تازيم تلك الاوضاع، متمثلا بجماعة انصار الشريعة الارهابية المعروفة بالقاعدة وشنها اعتداءات على عدد من الحواجز الأمنية في بعض مديريات محافظة أبين، وما رافقها من إطلاق مقذوفات على منشأة بلحاف الغازية في محافظة شبوة .
وما يثير الإستغراب وعلامات الريبة هو إن المناطق التي تنشط فيها تلك الجماعات الإرهابية هي مناطق تخضع لنفوذ وسيطرة قوات محسوبة على الشرعية اليمنية والتحالف، فما حدث مؤخرا في مديرية أحور ومنطقة خبر المراقشة التابعة لمديرية خنفر هو مؤشر خطير لتصاعد نشاط تلك الجماعات، في الوقت نفسه ينبري وزير الداخلية السابق احمد الميسري من على قناة الجزيرة القطرية متوعدا ومهددا بشن الحرب على الجنوب.
هذين المؤشرين يؤكدا بما لا يدع مجالا للشك من ان قوى إقليمية هي من تقف خلفهما، تسعى لايجاد لها موطئ قدم في مناطق النزاع طمعا في المستقبل القريب للحصول على نصيبها من الثروة والممرات الاستراتيجية وهذا ما يستدعي من قوات التحالف العربي وبالذات المملكة العربية السعودية تحديد موقف واضح وتوضيح خلفيات هذا التصعيد الذي يجعل من مناطق نفوذ قوات الشرعية والتحالف مسرحا له.
المتابعون للشأن السياسي الجنوبي يرجحون أن تكون التحرشات العسكرية المتواصلة للقوات المحسوبة على الشرعية ضد القوات الجنوبية هدفها الدفع بالمجلس الانتقالي الإعلان عن التخلي عن اتفاق الرياض وبالتالي فك شراكته مع قوات التحالف العربي مما يسهل الانقضاض عليه.
وهناك من يرى أن تلك التحرشات العسكرية يقف خلفها التحالف القطري التركي الطموح لإيجاد موطئ قدم له في مناطق الثروة والنفوذ.
هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي وقفت أمام تلك التحرشات في اجتماع يوم السبت الماضي. وكشفت عن وجود مخطط لـ”إعلان الحرب على الجنوب وجهود التحالف العربي والمجتمع الدولي ومقتضيات الحل السياسي للأزمة” كما يشمل ذلك المخطط أيضا محافظة لحج، مهيئة لذلك حشود عسكرية وعمليات تجنيد واستحداث لمعسكرات وفتح الطرق لصالح “مليشيات الإخوان.
أمام هذا الوضع المقلق والذي يشكل خطرا على الجنوب وشعبه، فإن الموقف يتطلب أن تتداعى القوى السياسية الجنوبية لتدارس الوضع بشكل عاجل والدخول في حوار مسؤول يسجله التاريخ، لما من شانه تفويت الفرصة على اعداء الجنوب.
فكل المؤشرات تؤكد إن الجنوب هو الهدف، وإن المعركة الفاصلة ستكون في عدن وهذا يقودنا إلى ما كتبه قبل أيام الاخ المحامي علي هيثم الغريب وزير العدل السابق في مقال له بعنوان ” يا ابناء الجنوب عودوا إلى رشدكم” يقول الاخ علي هيثم الغريب ((لايمكن أن يستمر الخلاف مهما حمل من مبررات إلى أجل غير مسمى وقد ملَّ الناسُ الذرائع الواهية والحجج الواهية التي لا تخدم في النهاية إلى من يريد الاستيلاء على أرضنا ووطننا وثرواتنا وجزرنا ومنافذنا)).
ونحن هنا نسجل تقديرنا لهذا الموقف للاخ علي هيثم الغريب ونتمنى أن لا تقف جهوده عند حدود كتابة المقالات، بل اننا ننتظر منه ان يلعب دور فعال باتجاه المصالحة الجنوبية ووحدة الموقف الجنوبي.
وما نود التأكيد عليه أن وحدة القوى السياسية الجنوبية تفرضها الضرورة وطبيعة التحديات والمستجدات السياسية ولن يتم ذلك إلا اذا صدقت النوايا وتوحد الموقف الجنوبي في مواجهة السيناريوهات المختلفة خاصةً اذا ما سقطت مأرب بيد المليشيات الحوثية سواء بخيانة او بهزيمة عسكرية وما سيترتب على ذلك من انعكاسات على الاوضاع في محافظات الجنوب المحررة.
ان المشهد السياسي والعسكري يؤكد إن الهدف هو الجنوب بمساحته وثرواته، فهل يدرك ابناء الجنوب المخاطر القادمة على وطنهم وشعبهم وثرواتهم ومستقبل اجيالهم.
ومن على هذا المنبر ندعوا ابناء الجنوب أن يتذكروا جيداً الاحداث والتاريخ منذ عام 1994م وما حدث لهم ولمؤسسات بلادهم..ندعوهم إلى أن يتذكروا وطنهم ومدنهم وقراهم المدمرة، وشعبهم الذي يتضور جوعاً بفعل سياسات التجويع والتخريب للبنية التحية وخراب المؤسسات الخدمية التي تمارسها الشرعية اليمنية الاخوانية وداعميها الاقليميين؟!
فالحكمة تقول من لم يوحدهم المصير والوطن والأرض ، فلا تنتظر منهم التوحد حتى مع أنفسهم.
خلاصة القول: “على وحدة الموقف الجنوبي تتحطم.كل المخططات، وبالتنافر والصراع تضيع الاوطان توحدوا ولا تفرقوا، فقوتكم في وحدتكم بني وطني الكرام”.