المتتبع للأوضاع السياسية والاقتصادية في بعض البلدان العربية يصاب بالحزن لما وصلت إليه تلك الأوضاع ، فشل في إدارة الحكم والاقتصاد والتنمية، فشل في مواجهة الازمات والتحديات وإدارة العلاقات مع الدول الكبرى..المشهد السياسي لا يطمئن..هناك تورط لبعض الأنظمة العربية في مشاريع خارجية، في ظل غياب أي مشروع عربي واقعي يراعى المصالح القومية… لقد وصلت الأمور إلى حد استبعاد بعض الأنظمة العربية من اتخاذ القرارات المصيرية لبلدانها، بعد ان باتوا رهينة للمخططات الخارجية.
وأستأذن القارئ هنا أن الخص ذلك الواقع في النقاط التالية :
اولا: هناك أربع عواصم عربية هي بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء، تحت الهيمنة الإيرانية الفارسية.
ثانياً: بينما أصبحت كلاً من قطر وليبيا وجزء من شمال سوريا تحت التأثير والنفوذ التركي.
ثالثاً: تدخل الحرب في اليمن عامها السابع ولامؤشرات لوقفها، ويعم اليمن الخراب والدمار والقتل والبؤس والفقر والتشرد، ولا توجد مؤشرات للخروج من الأزمة.
رابعاً: أما فلسطين فإن الاستيطان الصهيوني ينتشر في ما تبقى من فلسطين التاريخية، ونأمل أن تنجح الانتخابات البرلمانية والرئاسية،وأن تشارك دماء جديدة لتغيير الواقع والتفاعل مع المتغيرات العربية والدولية.
خامساً: أما مصر العروبة ورغم تعافيها بعد سقوط حكم الاخوان، واستقرار البلاد وإنجاز مشاريع اقتصادية كبيرة، إلا أن الخطر الأكبر الذي يهدد أمنها القومي المائي، هو سد النهضة الأثيوبي الذي ينذر بتعطيش شعب مصر، وهو ما يتطلب من العرب الوقوف مع مصر، وتقديم الدعم للموقف المصري في مواجهة هذا الخطر القادم.
سادساً: كان الله في عون السودان فهو الآخر يواجه خطر سد النهضة الأثيوبي، بالإضافة إلى تراكمات حكم الإخوان وما أكثرها في بلد مترامي الأطراف وفيه من النزاعات القبلية والعرقية والنزعات الانفصالية في الغرب بعد استقلال الجنوب
سابعاً: ولعل مجلس التعاون الخليجي هو الآخر قد تعرض لأزمة خطيرة كادت تهدد وجوده، ولكن حكمت القادة والاتفاق على تنحية الخلافات جانبا خلال قمة العلا .المهتمين بالشأن الخليجي يروا أن الخليج تغير، ولايمكن أن يعود إلى ما كان عليه من قبل.
ثامناً: وهناك دول المغرب العربي فلم يعُد لها ذلك الوجود الفاعل أو القدر المؤثر في قضايا المشرق العربي وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
إن بلدان المغرب الكبير تواجه اليوم جملة من المشاكل.. فالوضع الليبي على حاله، مع الإشادة بالخطوات التي تتخذها الحكومة الجديدة ” برئاسة الدبيبة” والمطالبة بخروج المرتزقة والقوات التركية،إن المصالحة في ليبيا، بعد سنوات الحرب وما تركته من ندوب في الجسد الليبي، وشروخ بين المكونات الاجتماعية والقبلية تشكل المدخل الطبيعي لطي صفحة الماضي وبدء صفحة بيضاء جديدة يسودها العفو والتسامح وتجاوز المحن.. وتونس ورغم ما تحقَّق فيها من تطورات وتَمَرُّس نخبها ببعض آليات العمل الديمقراطي، لكنها لم تتمكّن من مغالبة تركات المرحلة السابقة، مع الإشادة بالانتقال السلمي للسلطة من خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الحرة .. وفي الجزائر يستمرّ الحراك المجتمعي، متطلّعاً إلى بناء دولةٍ مدنية، إلا أن نشاط القوى الإخوانية والإرهابية والاستعمارية يعمل على إفساد وتشويه الحراك الوطني للشعب الجزائري وعرقلة الانتخابات البرلمانية القادمة ..والمغرب أوضاعه لا تختلف عن شقيقاته ، فقد أدَّت قضية الصحراء إلى توتر العلاقات مجددا مع الجزائر ،وشهدنا مؤخرا مناوشات عرفها الممر الحدودي المتجه نحو أفريقيا إلى عودة لغة الحرب الإعلامية بين الجزائر والمغرب، وتوتر عسكري مع جبهة البوليساريو .. وهناك موريتانيا التي أنجزت انتخابات تاريخية والانتقال السلمي للسلطة. صحيح أن هناك مشاكل وصراع بين القوى السياسية، الغارق بعض قادتها في الفساد.
لقد تابعنا في مارس الماضي انعقاد الإجتماع الثلاثي لوزراء خارجية مصر ، والعراق ، والأردن، المنعقد في بغداد، اجتماع هدفه توحيد جهود الدول الثلاث حول مختلف القضايا الثنائية والإقليمية، نأمل أن يؤدي إلى العمل على تجميع إمكانيات هذه الدول الاقتصادية في إطار تكاملي يخدم مصالح شعوب الدول الثلاث، وأن تعمل بهدوء لتحقيق مشروع «الشرق الجديد» الذي تم الاتفاق على قيامه في القمة التي جمعت زعماء الدول الثلاث في أواخر شهر آغسطس/ الماضي على طريق إقامة كيان عربي يعزز مستوى تنسيق الجهود في عالم باتت التكتلات الإقليمية الاقتصادية الكبرى عنوانه الرئيسي، إننا نتطلع إلى القمة القادمة لقادة الدول الثلاث يوم الخميس الموافق 8 ابريل. دعونا نتفائل خيرا، فلا بأس أن نرى بصيص أمل يلوح في آخر النفق .
خلاصة القول اذكًر بقول المفكر العربي محمد حسنين هيكل عندما قال باننا (( نحن العرب وفي مرحلة معينة نسينا أنفسنا بسبب العداوات الداخلية والتناقصات القبلية، واستطاع الغرب أن يوظف قوتنا ضد بعضها إلى درجة مهينة ووصلنا إلى حرب أهلية في بعض البلدان العربية )). هكذا هو حالنا اليوم.