تبنى العلاقات بين الدول على قاعدة الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية، وفقاً لقواعد القوانين الدولية.
بينما في وطني الجريح يحدث أن بعض السفراء يتجاوزون في تصرفاتهم تلك القواعد وغيرها من الأعراف الدبلوماسية، مستغلون ضعف الدولة وفشل قياداتها في إدارة شئون البلاد والأوضاع الاقتصادية الصعبة، مما أتاح لهم التدخل في كل شاردة وواردة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، واصبحوا هم من يحدد التوجهات وهم من يتخذ القرارات ويعينون الوزراء، بل والتاثير على سير المعارك مع المليشيات الحوثية. ووفقا لهذه الخلفية سنتحدث عن تدخلات بعض سفراء الدول في الشأن اليمني، على النحو التالي:
اولاً: سفير المملكة العربية السعودية ” سعادة السفير محمد إل جابر “. ماذا ستقول عن عاصفة الحزم وهي تدخل عامها السابع؟ فهي لم تحقق هدفها، عدى إنها تسببت في الدمار والخراب والموت والتشريد والفقر والجوع على مستوى كل اليمن، فماذا بعد ياسعادة السفير، وانت المخرج لكل الأدوار التي اثرت على مسار الاحداث، إبتداء من تهريب مُجرم حروب اليمن علي محسن الاحمر بالعباية النسائية، ومروراً بقصف الاحياء السكنية في صنعاء وانتهاء بتجويع الجنوب والمساس بمصيره ومستقبله. هل من وقفة صادقة مع النفس؟ أليس أنت من أوهم قيادة المملكة الشقيقة بأن حرب اليمن ماهي إلا أسابيع معدودة ؟ فها هي تدخل اليوم عامها السابعة مخلفة ورائها الألاف من الضحايا المدنيين ودمار لكل جميل وبؤس وشقاء، وأحقاد ستظل تداعياتها تلاحق الأجيال وتؤثر سلباً على علاقات البلدين الشقيقين.
ومؤخراً اتحفتنا تغريدة سعادتكم على منصة تويتر بقولكم ” ان التحالف هو من حرر عدن والجنوب “، ومع إحترامي لرأي سعادتكم، إلا إنكم لم توفقوا في تغريدتكم تلك، كونها جانبت الحقيقة التي يعرفها الجميع.
ومع ذلك فإننا كجنوبيين نعترف بأن التحالف قدم لأهلنا الدعم العسكري واللوجستي في معركتنا مع الغزاة، وعلى وجه التحديد دولة الإمارات العربية المتحدة، التي اختلطت دماء أبناءها بدماء أبناء الجنوب دفاعاً عن الأمن القومي العربي.
وعرفانا لذلك الجميل وبدون منه ولا استقواء، بل ايماناً منا كجنوبيين بأن معركتنا هي معركة مصير واحد. حينها لم يتردد أبناء الجنوب ولو للتفكير في الذهاب إلى الحد الجنوبي للمملكة دفاع عن حدودها وسيادتها. وقدم شبابنا أرواحهم ودمائهم دفاعاً عن المشروع العربي في مواجهة المجوس الجدد، سقط خلالها المئات من الشهداء الابطال. ونحن اليوم نتحدث عن الدخول في العام السابع للحرب فلابد من الاعتراف أن عاصفة الحزم قد أضلت طريقها وتحولت الى مصدر ارتزاق وكسب لقوى يمنية إخوانية معروفة وأخرى إقليمية وهي من أساءت وإفسدت العاصفة وأدت بها إلى الطريق المسدود.
وهنا نشير إلى الدور المشبوه لشخصيات سعودية رفيعة المستوى سهلت، نهب الوديعة السعودية المحالة إلى البنك المركزي اليمني، بالتواطؤ مع مسؤولين كبار في الشرعية اليمنية وشركات الاحتكار المشكوك في علاقتها مع لوبي الفساد. وفي هذا السياق نثق أن قيادة المملكة حريصة على تمتين علاقاتها الطبيعية مع جارتها اليمن بعيداً عن الأدوار المشبوهة للخلايا النائمة الإخوانية في اللجنة الخاصة.
ثانياً: أما السفير الإيراني المجوسي في صنعاء” حسن إرلو” وهو ضابط المخابرات في الحرس الثوري، فقد أصبح الأمر الناهي في صنعاء. فهو من يقرر مصير الحرب والسلام في اليمن، ويخطط ويشرف على إدارة المعارك وهو الموجه لحركة الطائرات المسيرة والضرب بالصواريخ على المدن اليمنية ودول الجوار. وعندما تحرك ضمير المجتمع الدولي ولاحت في الأفق بعض الآمال لإنقاذ ما تبقى من خلال مبادرة السلام التي طرحتها المملكة، جآء رد السفير المجوسي في تغريدة له قبل أن يأتي رد قيادة المليشيات الحوثية. محدداً شروط وقف الحرب واحلال السلام في النقاط التالية: وقف الحرب بشكل كامل، رفع الحصار بشكل كامل، إنهاء الاحتلال السعودي وسحب قواتها العسكرية وعدم دعم المرتزقة والتكفيريين بالمال والاسلحة، وعلى أن يتم بعد ذلك حوار سياسي بين اليمنيين دون أي تدخلات خارجية .انتهى الاقتباس.
مثل هذه الشروط لا تصدر إلا من طرف يعتبر شريك أساسي وفاعل في الحرب، بل ومتحكم بمساراتها العسكرية والسياسية، وهذا بحد ذاته يعتبر تدخلاً سافراً في الشأن اليمني والعربي، ويوضح إلى أي مدى وصل الدور الإيراني المجوسي في إشعال نار الحرب وتدمير اليمن ارضاً وانساناً.
ثالثاً: أما سعادة السفير الفرنسي في اليمن، المسيو جان ماري، والذي هو الآخر اعرب في تغريدة له عن تخوفه من سقوط محافظة شبوة بعد مأرب، مبدياً قلقه من أن سقوط مأرب من شأنه أن يشكّل فاجعة سياسية وإنسانية.
وسؤالنا لسعادة السفير الفرنسي، هل هذه هي الكارثة الوحيدة التي تتخوفون منها؟ أم أن وراء الأكمة ما ورائها؟ نعلم جيدا أن تخوف فرنسا ليس على الحالة الإنسانية لأبناء اليمن، بل الخوف على مصالح شركاتها النفطية والغازية في مأرب وشبوة.. الفاجعة الإنسانية بالنسبة لكم هي مصالحكم.
مجدداً نذكر بأن مَهمَّة السفراء هي ” تعزيز العلاقات، وتمتينها، وبناء قاعدة مصالح مُشترَكة من دون التدخُّل في الشُئون الداخليّة” بحسب ما تنص عليه اتفاقيتي فينا لعامي1961الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية و1963 الخاصة بالعلاقات القنصلية. تلك الاتفاقيتان التي تحددا إطار العلاقات الدبلوماسية والقنصلية بين الدول، وتحدد المهام المناطة بالسفير على النحو التالي:
١) تمثيل بلاده في الدولة المعتمد لديها، حماية مصالح بلاده ومصالح رعاياها في الدولة المعتمد لديها ضمن حدود القانون الدولي.
٢) استطلاع الأحوال والتطورات في الدولة المعتمد فيها بجميع الوسائل المشروعة، وتقديم التقارير اللازمة عنها إلى حكومته .
٣) تعزيز العلاقات الودية بين بلاده والدولة المعتمد لديها.
أين نحن من هؤلا السفراء الذين لا يبالون بأحكام القانون الدولي، ولا يلتزمون بمهامهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. أين أنتم يا أبناء اليمن ممن أدخلونا في حروب وتصفية حسابات اقليمية، أضاعت بلادنا وأودت بها وبعبادها إلى الخراب والدمار وإلى المصير المجهول.
*- السفير علي عبدالله البجيري