غم التفسيرات المختلفة لاتفاق الرياض وعدم الوضوح في اولويات تسلسل مساراته، إلا أن ما تم الإتفاق عليه شكل خطوة لا بد منها لاستعادة الأمن والاستقرار في المحافظات المحررة وإنقاذها من تبيانات واختلافات تداخلت فيها أطراف داخلية وخارجية، كانت سبب في إدخال البلاد في تناحر وتنافر مرير بحثاً عن السلطة والثروات. تلك التباينات التي استمرت ستة أعوام وهي فترة استمرار الحرب مع الحوثيين، كانت من نتائجها أن تهجرت الناس من مناطقهم وخسروا ارزاقهم، وخلخلت نسيجهم الاجتماعي، وحولت مؤسسات الدولة إلى مجرد “أكشاك” خالية من المضامين القانونية والإنسانية والأخلاقية .
اليوم يمكن القول أن الوطن دخل مرحلة هامة تتمثل في تنفيذ خطوتان مهمتان من اتفاق الرياض. الأولى تشكيل حكومة المناصفة والثانية وقف الحرب في جبهة شقرة، على أمل تتلوا ذلك خطوات أخرى من شانها تطبيع الأوضاع الأمنية والحد من تدهور الحالة المعيشية والعمل على توفير المتطلبات الخدمية واعادة بناء ما دمره الغزاة في حربهم على الجنوب عام 2015م.
إنها مرحلة مفصلية تحتاج إلى مصداقية في التنفيذ على الأرض بعيداً عن المصالح وصراعات البحث عن النفوذ ونهب الثروات.
فالمطلوب أن يحترم الجميع ما تم الاتفاق عليه، وهنا نشير بالبنان محذرين من أن المليشيات الإخوانية لازالت تعمل على تنفيذ خططها لافشال اتفاق الرياض، وهذا هو ما افصح به المجلس الانتقالي الجنوبي بالقول ” إن المحاولات التي تقدم عليها ( رموز الاخوان) في السلطة لإفشال اتفاق الرياض، هي قيام تلك الرموز بوضع المعوقات أمام حكومة المناصفة لعرقلتها من أداء مهامها، وتضييق الخناق عليها لإرغامها على مغادرة العاصمة عدن.
على الجانب الآخر تابعنا ما قاله الاخ رئيس مجلس الوزراء د معين عبد الملك لقناة “اسكاي نيوز عربية” واشادته بالدور الإيجابي لوزراء الانتقالي والانسجام المتناغم لاعضاء حكومته، تصريحات ينظر إليها بأنها تتسم بالتفاؤل في إمكانية تطبيق اتفاق الرياض فيما إذا توفرت النوايا الصادقة والإمكانيات اللازمة.
مراقبون سياسيون وعسكريين يروا
أن المخرج الوحيد للشرعية اليمنية يكمن في تنفيذ إتفاق الرياض الذي تم برعاية سعودية، وبات يشكل حاجة اقليمية قبل أن تكون حاجة يمنية، كي يتوافق مع المتغيرات العالمية التي طرأت بوجود إدارة أمريكية جديدة، اتخذت قرارات بوقف الدعم اللوجستي ووقف بيع المعدات العسكرية للمملكة السعودية والإمارات العربية. والمطالبة بوقف الحرب، وتعيين مبعوث خاص بالأزمة اليمنية، وشطب اسم المليشيات الحوثية من على قائمة الارهاب الأمريكية.
قرارات تشير إلى سيناريوهات قادمة لاتزال تطبخ ، فهل التصعيد العسكري له علاقة بمؤشراتها !
الجانب الأخطر في الوضع الميداني هو الحالة المقلقة التي تنتاب الشرعية جراء توغل القوات الحوثية في محافظة مأرب، فهل أدركت الشرعية المخاطر الحقيقية التي تحاصرها وتشير إلى توقعات سقوط اخر معاقلها شمالاً ، بالتزامن مع فضائح الفساد المالي والفشل السياسي والاقتصادي؟
أن الخطر الحقيقي يتمثل اليوم في تقدم المليشيات الحوثية لإسقاط محافظة مأرب وفيما إذا تحقق ذلك، فان شهية المليشيات الحوثية لن تتوقف عند حدود مأرب بل ستتجه إلى تنفيذ الغزو الثالث للجنوب لا سمح الله..
وهذا يستدعي رفع الجاهزية القتالية وتوحيد الصف الجنوبي لمواجهة تحالف حوثي اخواني قادم يستهدف الجنوب.
وهنا ندعو كل أطراف اتفاق الرياض، بما فيهم الدول الراعية والداعمة لاطراف الشرعية اليمنية من أن يستعدوا لمواجهة قوادم الايام أكان في حالة سقوط محافظة مأرب، أو في حالة تعثر تطبيق اتفاق الرياض، فالحالة غير مطمئنة من جميع الجوانب