أمام كل إنجاز يتحقق لصالح السلام، تتحرك الجماعات الارهابية لافشاله، أكان سياسيا او أمنيا. وتزامنا مع استعدادات القيادة الجنوبية على تطبيق بنود اتفاق الرياض، تنشط الجماعات الإرهابية، بهدف عرقلة المضئ في تطبيق مراحل اتفاق الرياض وخلط الأوراق واقلاق السكينة العامة في الجنوب.
وقد تمثلت تحركات تلك الجماعات مؤخرا في اقدامهم على تنفيذ عمليات إغتيال لعدد من الكوادر الجنوبية، مادفع بالكثيرين إلى اتهام قيادات في الشرعية اليمنية بالوقوف خلفها.
وهذا ما يتوافق مع ما تسعى اليه تلك الجماعات الارهابية بضرب اسفين التباعد بين القيادة الجنوبية وقيادة الحكومة الشرعية، خشية من ان يتم الوئام فيما بينهما وتتحقق وحدة الصف الجنوبي، ويحل الاستقرار والامن والأمان في الجنوب.
ها هو من جديد يطل علينا شبح الارهاب ويستهدف كوادرنا ورجال دولتنا الجنوبية . إرهاب منظم ومنسق وفق أساليب الإجرام والتمويه، يختفي فيه القتلة في لمحة بصر، إرهاب تدعمه عناصر تتبوئ مواقع في قمة الدولة، وتسهل له الدعم العسكري والتقني والمعلوماتي. هكذا تم إغتيال عميد كلية التربية في محافظة الضالع الدكتور خالد عبده الحميدي ، وسبقه اغتيال قادة عسكريين ومدنيين ورجال دين وكتاب ومراسلين لوكالات إعلام إقليمية ودولية.
وفي الوقت ذاته يتم استهداف اقتصاد الجنوب ومؤسساته الخدمية، وصولا إلى تدهور العملة، انه إرهاب اقتصادي هدفه الحاق أضرار مدمرة بحياة الناس ومصادر ارزاقهم المعيشية، ومعه الاستقرار السياسي والاقتصادي في محافظات الجنوب المحررة.
لقد تناولنا هذا الموضوع في مقالات سابقة، وقلنا أن للإرهاب في بلادنا عنوان واحد وواضح، مرتبط بوجود قيادات نافذة في ” الشرعية اليمنية”معروفة للإقليم، كما هي معروفة للمخابرات الدولية. ولكن مع الأسف لا من مجيب ولا من منصف لأبناء الجنوب الذين حاربوا الارهاب وواجهوا عناصره. لقد كتبنا في الاسبوع الماضي ” مقال بعنوان خطر المليشيات الارهابية” وقلنا إن خطر المليشيات يستهدف الجنوب والإقليم معاً، وطالبنا التحالف العربي بوقف الإمداد والتسليح لتلك القوى التي تأتمر لقيادات بعينها في الشرعية اليمنية، وهي من تقف خلف تصعيد العمليات الإرهابية.
وفي حين ينشغل التحالف العربي، بإعادة ترتيب الأوضاع الداخلية في البلاد عبر تسويات سياسية، كما عليه الحال بين الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، تعمل قوى الارهاب المحلية والإقليمية على تدمير أي منجزات تتحقق، عبر الهجمات الإرهابية التي بواسطتها تلغّم الحلول السلمية.
واليوم وعلى مستوى الإقليم ينشط الإرهاب ويستهدف مجددا ميناء جده في المملكة . انه الإرهاب العابر للحدود لا دين ولا ملة له ولا وطن .. هذا ما شهدناه في الأسابيع الأخيرة من عام 2020م، إذ انطلق الارهاب مجددا من باريس إلى الجنوب ثم إلى المملكة ونيجيريا وأخيرا بغداد .
اعتداءات تعتبر دليلاً جديداً على سعي الجماعات الإرهابية إلى تقويض الأمن والاستقرار في الاقليم والعالم ، عمل تدينه معظم دول العالم. فهل يتوقف المجتمع الاقليمي والدولي عند اصدار البيانات المعلبة والمعتادة (نعلن التضامن والتنديد )
والسؤال من اين يحصل الإرهابيون على الدعم المالي ؟ الواضح أن الارهابيين بعد انهيار دولة الخلافة قد أعدوا العدة لتنويع مصادر الدخل ، وهذا ما كشف عنه تقرير صدر في (11 مايو الماضي) للمفتش الأمريكي العام للقوات العسكرية الأمريكية. ويفيد التقرير أن الارهاب له منفذ لاحتياطات مالية كبيرة، كما أنه يحصل على موارد مالية من أنشطة إجرامية ويمكن له تحريك مبالغ مالية في المنطقة عبر وسطاء.
بينما ترى كثير من مراكز الأبحاث السياسية والإستراتيجية ان قوى الارهاب لها حالياً حليفان: من جهة فيروس كورونا، ومن جهة أخرى النزاعات في المنطقة. اما الرصيد الثابت للإرهاب فيتمثل في عناصر وقوى تعمل بشريحتين : وجه مع الدولة والوجه الآخر مع الارهاب، كما هو حال بلادنا.
خلاصة القول ..على المجتمع الإقليمي والدولي أن يتحمل مسؤوليته تجاه مواجهة الاعمال الإرهابية، وكذا تنامي خطابات الكراهية و كل تلك الأفعال التي لا تقرها المواثيق والأعراف الدولية، مما أدى إلى انتشار ظاهرة “الإسلاموفوبيا” في العديد من دول أوربا الغربية .
آن الأوان للعالم اليوم أن يتوحد في مواجهة الاسباب السياسية والاقتصادية، والوبائية لوجود وتنامي الإرهاب، حتى لا تبقي الحرب مفتوحة إلى ما لا نهاية.