اسال دائما نفسي متى سوف نفهم الى اين نمضي بمعية قافلة التحالف؟ التي ربما تاهت او تعثرت دروبها في صحاري التيه ووهاد الوحشة في اليمن.
وتخنقني مشاعر الغبن وانا ارى عدم بزوغ اي حل لينبلج من بين حيالك هذه الدياجي ونرى فجر الأمل بعد كل هذا اليأس والعذابات وظلم السنوات العجاف.
وعن الجنوب العربي فقد ضحى وناضل وأبلي بلاءً حسنا في معركته الظافرة وحقق نصراً مبيناً، له والتحالف ، وبدون هذا النصر فأن التحالف كان سيلحقه اللوم بل ويوصم بما هو اشد من اللوم.
والسؤال الذي يقلق كل الناس في الجنوب هو اين خريطة الطريق؟ لنرى ونكتشف دروبنا في هذه المتاهات التي طالت واستطالت. لم يبق للجنوب ما يعطيه بعد استنفذ كل شيء ودفع الثمن الباهض استشهادات وجراحات وعناءآت ودماء ودموع وحرر الوطن من أقصاه الى اقصاه .
وعن الشمال فليس للجنوب اليوم بعد نصره الحاسم والملهم، ليس له مع الشمال أي ثأر ولا انتقامات وليس له ان ينتظر الحصول على الحلول و( بالقطارة ) فهذا ليس مبلغ علمنا ولا امنياتنا ولن ترضينا . فنحن نتجرع مرارات تلو المرارات، في درب الألام دون وعد صادق ومسار جلي. هل ينتظر التحالف الحل مع الشمال فنبقى اسرى هذا الإنتظار ؟
للتحالف وفي ذلك ما يريد وما يراه وما يسمح به الوضع العسكري والدولي ( الملغز ) لكن ليس على حسابنا فبيدر انصار الله ليس بيدرنا .
اشك ان انصار الله في نيتهم الحل الذي يقترحه البعض ، من اقاليم الى فيدرالية فهم لا يميلون الى حلول تقصيهم بعد ان امتدت سطوتهم ومقابرهم على مساحة الارض والجبال، واذعنت لهم الرعية وخنعت بل واستجابت لهم قتالاً ودعاءً وخشية .
انصار الله لديهم إصرارهم على التشبث بالحكم لان إقصائهم او ضعفهم او تنازلاتهم، تعني خسارتهم الرهان على الحكم ويعني ذلك سقوط السيف من يدهم ليلتقطه خصمهم فيسومهم سوء العذاب.
حجة انصار الله ان الجمهوريين حكموا ستون عاماً وما انصفوا ولا سامحوا ولا تواضعوا ، وان الجولة اليوم هي لهم وكرسي العرش لا يتسع لملكين.
اليمن الشمالي ليست بمقياس الدول الاخرى ففيها ( عجنة) غريبة من المذاهب ومن العصبيات والأمزجة والتقاليد، وانصار الله هم اكثر من فطن الى كيفية التعامل مع القبيلي والجاهل والرعوي اما المتعلم فهو ( شاهد مشافش حاجة) على ان عنصر السطوة والعقوبة السريعة والمباغتة، في شرعهم هي الدواء لكل داء.
الجنوب وما هو بصدده هو وطالما ان الوطن حقق هدفه وحرر ارضه، وان انصار الله ليس في وارد تفكيرهم الاقاليم او الديمقراطية اوالتعددية و الحزبية، فللجنوب طموحه وحلوله فلماذا كل هذا العرض لفيلم التحالف الطويل والثقيل ?
اليوم تتوضح معالم الإصرارِ ومجال التفاوضات والتنازلات مع انصار الله، فلن يقدموا اكثر من سلامهم الذي يراهنون عليه وأحقيتهم في ادارة شمالهم وغير ذلك فالساحة مفتوحة ! وهم لديهم الارواح الجاهزة والقبور الفاغرة ورسائل التعزيات والسلوان مختومة وموقعة ومكتوبة.
اذن خلاصة حديثي هو ان الجنوب ليس له مع انصار الله لا ناقة ولا جمل، واذا كانت دول التحالف تعامل الجنوب ضمن قضية واحدة متكاملة فهنا الغبن وهنا الإجحاف.
الجنوبيون يحتاجون بل هم في مسيس الحاجة الى السلام ووطن واعلان حكمهم الذاتي ، على الاقل لينصرفوا لبناء ارضهم دون خصومات او استفزازات للشمال، بل وفتح الحدود للتنقل والتجارة والاقامة فنحن شعب واحد بدولتين، وهذه هي الوحدة الطبيعية والحقيقية والانسانية وغيرها من وحدات هي شعارات سياسية واستلاب واقصاء وتربصات.
هل نستحق في الجنوب هذا الحق ؟ هذا سؤال تجيب عليه دول التحالف، التي انتصرت مع الجنوب وبتضحيات الجنوب ولكنها تعبت في تحقيق النصر مع الشمال . وأسباب الإخفاقات كثيرة، ومنها انها ربما لم تختبر عمق النهر قبل عبوره.
هل انتصرت لنا دول التحالف ؟ نعم، ولكن اذا لم ننال مكافأة النصر فسوف تتضرر علاقتنا بمحيطنا، وعلى الخصوص دول التحالف التي أمثلها كأطباء تركوا المريض في غرفة العناية، وانشغلوا عنه في كيفية توسعة البوفية وتغيير طلاء الغرف ولباس الممرضات .
الجنوب اما ينال حقه وحكمه وتقرير مصيره، او عليه ان يعلنه من جانب واحد ويقتحم سدة الحكم مثله مثل انصار الله ، ويقيم شرعية المجلس على الوطن فشرعية التحالف مصابة بشلل عضال .
ومال للحَبِ الخَشِش إلاّ الكَيّال الأعور .
فاروق المفلحي