عندما اعلن رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي اللواء احمد سعيد بن بريك، أثناء زيارته ليافع للمشاركة في مهرجان التراث اليافعي واثناء القاء كلمته المدوية، عندما اعلن ان يافع سوف تعلن (كمحافظة) فهو وضع في كلمته النقاط على الحروف .
واسوق إمتناني كمواطن يافعي لهذا الإعلان، على ان كل يافع قدرت هذه اللفتة وهي تعبر عن تصحيح خطأ مجحف احيق بيافع، وموقف يحسب للمجلس الإنتقالي ويجسد رعايته وإهتمامه ليافع ولكل الوطن .
لماذا تاخرت يافع عن ركب المحافظات، وتشظت لتصبح بعضها ضمن محافظة ابين وبعضها ضمن محافظة لحج ؟والجواب ان ذلك كان الخطأ المركب في تشرذم يافع وتهميش هويته.
هل لاحظتم انه وفي كل دول العالم فان التسميات والتقسيمات تعود الى ثقافات وتاريخ المناطق. فهناك في روسيا الاتحادية العظيمة والمترامية الاطراف، جمهوريات مجهرية بالمقارنة مع جمهوريات كبرى. من هذه الجمهوريات الصغيرة جداً ، جمهورية الشيشان وجمهورية داغستان وجمهورية تتارستان.
وهذا اوردته كمثال في ان الهوية والتاريخ والثقافة تحدد اسم الولاية او الامارة او الجمهورية ضمن دولة اتحادية.
الحقت يافع بمحافظتين هي ابين ولحج ورغم اعتزازنا بمحافظة ابين وتاريخها التليد فهي محافظة لها مجدها وهويتها.
بل وافخر واعتز بمحافظة لحج التي تربطها بيافع روابط النسب والقربى والتاريخ، وهي التي بلغت من الشموخ والمنعة والحداثة والتطور، فطالبت بالعضوية بالجامعة العربية لما حققته من تقدم ونظام ومؤسسات ومجلس تشريعي اهلتها لتكون عضواً فعالاً في جامعة الدول العربية، ولولا اعتراض مندوب المملكة المتوكلية لكانت لحج من مؤسسي الجامعة العربية .
وعن يافع فقد كتبنا عن الخطأ التاريخي في ان تتقسم يافع وتتفتت الى مديرات ضمن محافظات ، دون مراعاة لتاريخ يافع الذي يشكل ذاكرة الوطن ووجدانه، ولكن كان الحديث يومها للساسة وليس لنا نحن البسطاء.
كان هناك سر ونية وراء تقسيم يافع ويدرك ذلك الجميع وهو ضياع اسمه وذوبانه ضمن محافظات كما ضاعت إسم الضالع قبل ذلك واصبحت ضمن محافظة لحج .
لكن الضالع حافظت على هويتها بل واستعادت اسمها رغم دمج اجزاء اليها لضياع هويتها من جديد بتلك الخلطة الغريبة.
على ان يافع رغم ذلك كانت اقوى من التقسيم ومن التشظي فقد احتفظت بهويتها وتراثها وعاداتها وتشبثت بارثها اليافعي الذي يجب ان يحافظ عليه الوطن ويصونه.
ومن الاشارات التي نقرأها من خلال اعلان يافع في المستقبل كمحافظة ، ففي ذلك الصدق مع النفس والتاريخ والواقع بل وفي ذلك اشارة مهمة اننا في الجنوب امتلكنا قرارنا .
وعود على بدء، فعلينا ايضا ان ننصف محافظة المهرة ولا نشظي محافظتهم التي امتدت عبر عصور التاريخ الى سقطرى، ويكفي سلاطين المهرة من آل عفرين انهم ابقوا على هذا الكيان عبر التاريخ ودون اي تمزقات رغم بعد المسافات البحرية.
كيف حافظت المهرة على جزيرة سقطرى وهي القصية وتقع في المحيط الهندي ؟ والسبب ان مواطني سقطرى كانوا يلمسون الامان والعدل والرعاية من قبل المركز في الغيظة.
لهذا فقد حافظت لنا سلطنة المهرة عن هذه الجزء الجميل من الوطن بل انه اجمل موقع على وجه الكرة الارضية.فهل نحفظ لسلاطين المهرة هذا الجميل ؟
واتمنى ان يعود الجنوب الى تاريخه وتذكروا ان روسيا الاتحادية إستعادت تاريخها وعلمها القيصري عاد ليرفرف واسماء مدنها عادت، واعادت روسيا إسمها وكذلك تصميم نياشينها ورمزها الوطني ، لانها سبق وبعد الثورة ان خاصمت وانقطعت عن تاريخها الجميل .
( فبطرس برج) سلخوا اسمها التاريخي عنها فأطلقوا عليها (لينين جراد) ثم اعادوا تسميتها الى (ستالين جراد)
وبعد ثورة التصحيح تنبهوا فاعادوا اسمها التاريخي ( بطرس برج) أي الى إسم القيصر( بطرس) الذي بناها وزوقها وجعل منها قبلة المدائن وساحرة اورباء .
ان اسم ( بطرسبرج) يليق بها فلم يؤسسها فلادمير لينين ولا ستالين، رغم شموخ هولاء القادة فهم تركوا بصمتهم الباتعة على تاريخ الامم السوفيتية الا انه لا توجد لهم علاقة بهذه المدينة الساحرة.
لنتعلم من أورباء في عدم مخاصمة التاريخ وكذلك من الصين التي رفضت طمس اسم امبراطور الصين من تاريخها. بل انهم استدعوه لينصحهم في كيفية ترميم قصره في المدينة المحرمة في ( بيجين ) وهذا اسمها وليس ( بكين) وذلك بعد ان التهمت النيران بعض اجزاء القصر الإمبراطوري.
بينما ملوك اليمن لا نعرف قبورهم ولا سيرتهم ولا تاريخهم ونسبوا اليهم كل عيوب الكون وهم الاصل والنقاء والصدق والزهد والدين واللغة .
فاروق المفلحي