لم تكتفي تركيا بالتعدي على دول الجوار واقتحام حدودها السيادية واحتلال اجزاء منها، بل وصل الصلف التركي اخيرا إلى إطلاق التهديد والوعيد ضد دولة الإمارات العربية المتحدة ، وتوعُد وزير دفاعها خلوصي “بمحاسبة دولة الإمارات في المكان والزمان المناسبين”. تصريح ينم على العنجهية الاوردغانية والاستخفاف بالقوانين والأعراف الدولية.
لم تنتظر دولة الإمارات العربية طويلاً ، فجاء الرد على لسان الوزير انور قرقاش مغردا عبر تويتر بان “منطق الباب العالي والدولة العليّة وفرماناتها مكانه الأرشيف التاريخي. فالعلاقات لا تدار بالتهديد والوعيد، ولا مكان للأوهام الاستعمارية فيه.” هكذا كان الرد الاماراتي صريحا وواضعا حدا للعنجهية التركية.
لقد شهدت تركيا خلال عامي 2019،2020 أحداثاً داخلية وخارجية عديدة، ومرت أنقرة بمنعرجات سياسية واقتصادية متشعبة، كانت نتائجها وخيمة ، فعلاقات أنقرة الغامضة مع محيطها العربي والأوروبي قادتها إلى عزلة دولية ، فضلاً عن إرهاصات سياستها الداخلية التي تتكلل يوم بعد يوم بتراجع حزب العدالة والتنمية، وتفككه أكثر فاكثر شعبياً وسياسياً.
ان التحليل الوحيد للتصرفات التركية، هو أن التحالف القطري الاخواني التركي يعاني من الفشل والتخبط، ولجأ إلى سياسة التهديد والوعيد التي ليس لها إلا طريق واحد “ومن يكن الغراب له دليلاً.. يمر به على جثث الكلاب.”
ويهمني هنا أن أرصد عدة ملاحظات على السياسة التركية وهي:
اولا: أن تركيا التي ارتدت جلباب الإسلام، ووضعت عمامته فوق رأسها قد خدعت الدنيا كلها باسم العقيدة، وتجاوزت الحدود بالعدوان على الحريات والشعوب الإسلامية، وهوا منطق غير مقبول في هذا العصر .
ثانيا: إن نعيق وزير الدفاع التركي وإطلاق لغة التهديد ، منطق استعماري ولَّى عهده ولم يعُد يخيف أحد وما على “خلوصي أكار” إلا أن يراجع تاريخ أجداده ونحيبهم على أبنائهم وننصحه أن يستمع إلى كلمات الأغنية التركية الشهيرة؛
“فقدنا فلذات اكبادنا هناك..ولم نعد إلا بالنواح والعويل.. اشتاق لابني ..يا غوثاه يا مدداه.”
ثالثا: على تركيا ان تراحع حساباتها، فتصرفات ومواقف القيادة التركية توضح أن الأوهام الاستعمارية لا تزال تعشش في عقول أركان دولة حزب «العدالة والتنمية» وهي أوهام القفز على الواقع، في زمن عالم المصالح المشتركة، وقدرة الشعوب على الدفاع عن أوطانها .فالمواقف الصبيانية لن تجني منها الدولة التركية إلا الكوارث ولن تعيد اليها إلا مآ جناه ألاجداد عند احتلال اكثر من بلد عربي وإسلامي ، فهل التاريخ يعيد نفسه.؟
اختتم مقالي بما قاله الفيلسوف ألألماني كارل شتيت. إنّ التاريخ يعيد نفسه مرتين, مرة على شكل مأساة, ومرة على شكل مهزلة. وما نراه الآن في السياسة التركية هي المهزلة بعينها