ما تحقق خلال الفترة الزمنية القصيرة الماضية يعد مكسباً جنوبياً غير مسبوق، ولا أتحدث هنا على الصعيد العسكري إطلاقاً، لأن ما تحقق على صعيد اللحمة الداخلية الجنوبية أمر يستحق أن نعده إنجازاً ثميناً، فأمام وطأة الأخطار أو هي موجة الغزو الثالث تكثف المشهد الجنوبي على حالة من التسامح والوطنية بل هي الغيرة على الوطن، أرضاً وعرضاً، الذي لا يمكن المساومة عليه بالأموال.
حالة التلاحم الجنوبي غير المسبوق وضع من يساومون بالوطن الجنوبي ويسعون لتدجينه في أسوأ حالتهم ضعفاً وهواناً بعد أن تكشفت الكثير من الحقائق والمغالطات، ولم يعد بمقدور تلك الجماعات، بعد كل ما حصل، تسويق نفسها مرة أخرى بعد أن فقدت حتى من كانوا مقربين منها بحكم ما أظهرت من نأي وإنكار للحق الجنوبي.
حالة التماسك الجنوبي الداخلي هو ما يمكن البناء عليه في هذه الأثناء من قبل كيان الجنوب السياسي، أعني المجلس الانتقالي والقوى الأخرى المؤمنة بعدالة قضية شعبها. لقد تقلصت كافة الأبواب التي كانت تترك مواربة من أجل تحقيق أهداف لا تتصل بنضالات شعبنا وتضحياته، تقلصت تلك المساحة مع فقدان كل أساليب الوهم والتضليل التي كانت تمارس على البعض تحت ستار المناطقية وإلى ما هنالك من أساليب تضليلية لم تعد ممكنة بعد أن أبدت الساحة الجنوبية بصورة عامة موقفها الواضح في حقها باستعادة دولتها والخروج من نفق الاجتياحات الحربية المتكررة على أرضنا الحال الذي ولد قدراً من الصحوة الجنوبية غير المسبوقة، وهذه هي جسور التسامح الحقيقية التي ولدها رد الفعل الجنوبي تجاه من أعدوا عدتهم لوأد تطلعات شعبنا واستعباد أحراره الشرفاء.. وهنا تجلى نصرنا الجنوبي بتجاوز ضغائن الماضي التي عملت عليها تلك الأطراف لعقود خلت، وهي الورقة التي أسقطها الغزو الثالث من أيديهم تماماً.