هناك أخطاء تاريخية في السياسة لم تكن عواقبها إلا وخيمة، وإزاء مثل تلك الأخطاء دفعت الشعوب ملايين الضحايا والخسائر المادية الضخمة.. تلك الأخطاء أتت معظمها بسوء التقديرات السياسية والحسابات المغلوطة حتى إن بعض تلك الأخطاء أتت على صهوة الديمقراطية كما هو حال وصول هتلر إلى السلطة..
أما أسوأ التقديرات فقد نجمت عن الحروب وسوء تقديرات المواقف العسكرية، وأخطاء بعض قادة الجهات أدت إلى نتائج عسكرية خاطئة قادت أيضا لانعكاسات مدمرة على الجانب السياسي، لذا نجد في تاريخ الرؤساء الأمريكيين شخصيات سياسية كانت جداً حصيفة في اتخاذ القرار كما هو الحال مع الرئيس الأمريكي «لينكولن»، وقد عرف بدهائه وحكمته السياسية وعدم التسرع في اتخاذ القرارات الانفعالية، في حين أن رؤساء آخرين وضعوا الولايات المتحدة في مواجهة العالم بحكم أخطاء تقديراتهم السياسية..
وعلى الصعيد الإقليمي بالنسبة لنا والمحلي هناك جملة أخطاء سياسية قادمة كما هو حال فكرة الوحدة الاندماجية اليمنية التي أعقبتها كوارث لا حدود لها بالنسبة لليمنيين شمالاً وجنوباً، وهو الحدث الذي تعاطى معه الأشقاء في دول الجوار الإقليمي بتقديرات خاطئة أيضاً، إذ لم يتعاطوا مع تعبيرات الثورة السلمية الجنوبية وما واجهت من قمع وحشي وما ارتكبت بحق الجنوب من ممارسات جائرة ونهب لمقدراته.
ثم توالت الأخطاء في التقديرات على صعيد قضايا عدة في المنطقة، فماذا لو تكررت نفس الأخطاء تجاه الجنوب؟
بحسب تقديرات بعض السياسيين، إن خطأ من هذا النوع سيقود حتماً إلى تغيرات عاصفة في المنطقة عموماً بحكم إستراتيجية موقع الجنوب المطل على أهم الممرات المائية للعالم التي يشكل أمنها أحد أهم الضمانات لتدفق النفط للعالم، فإذا ما تم التعاطي مع الجنوب بصورة غير منصفة سوف تتبدل الولاءات لا شك وتتغير المواقف وسوف تستغل أطراف كثيرة هذه الفرصة لخلق جنوب مختلف لا يعبر عن مصالح الإقليم بأي حال.