المبعوث الأممي إلى اليمن السيد جريفيثس في جولته الأولى بين طرفي الصراع في اليمن أكد بأن الطرفين متفهمان ومرحبان بالحلول السياسية من حيث المبدأ، كما قيل للمبعوثين الأمميين السابقين بن عمر وولد الشيخ أحمد، وبالتالي كان مصيرهما الفشل في مساعيهما.
فهل استطاع جريفيثس من خلال جولته الأولى تشخيص ذلك الصراع تشخيصاً دقيقاً لمعرفة دوافعه وأسبابه وخلفياته وأبعاده وتداخلاته؟ وما هي نقاط القوة ونقاط الضعف لدى كل طرف؟ وهل الحل يمني يمني حقاً وكل طرف يملك قراره بنفسه؟ وما هو مستوى التأثير الإقليمي والدولي سلباً وإيجاباً على مسار الحل السياسي بين الطرفين؟ وما هي النقاط التي كانت سبب فشل المبعوثين السابقين؟ وهل بإمكانه تجاوزها إن كان مخيراً في قراره أم مسيراً؟
ولاشك أن نقول بأن المبعوث الأممي السيد جريفيثس لديه حنكة دبلوماسية كبيرة كما يبدو من الوهلة الأولى، إلا أن النجاح في الحل السياسي للأزمة اليمنية يتطلب قدرة تحليلية علمية وسياسية وتاريخية واجتماعية وبيئية ونفسية للقوى المتصارعة، وهو ما يشبه الطبيب الماهر الذي يبدأ بتشخيص المرض تشخيصاً دقيقاً، ثم يحدد الوصفة العلاجية على ضوء ذلك، أما خلافاً لتلك الطريقة فأن أي علاج لن يكن نافعاً أبداً، بل ربما يتحول الدواء إلى داء يزيد وضع المريض تدهوراً.
هذا من جانب ومن جانب آخر هل بات السيد جريفيثس على دراية تامة بأهمية القضية الجنوبية واستقلاليتها عن الحرب اليمنية؟ باعتبار القضية الجنوبية قضية حرية واستقلال واستعادة دولة الجنوب وما دون ذلك لا تقبل أنصاف الحلول، وهل بات السيد جريفيثس على علم بأن المجلس الانتقالي الجنوبي ليس حزبا سياسيا ولا مكونا سياسيا لمجموعة من الناس، بل هو ممثل شرعي لشعب الجنوب بأغلبيته الساحقة؟ مع علمنا في بعض الإملاءات والضغوط التي تمارس على السيد جريفيثس بشأن القضية الجنوبية من قبل بعض الأطراف والجهات التي لا تريد لشعب الجنوب خيراً ولا للسيد جريفيثس نجاحاً في حل القضية الجنوبية بمعزل عن قضية الصراع اليمني.
ولذلك نتمنى للسيد جريفيثس التوفيق والنجاح في مهام عمله، فهو أمام اختبار صعب، والله الموفق.