في 27 مارس 2018م يدخل العام الرابع للحرب اليمنية بين طرفي الصراع، وهما الشرعية اليمنية من جهة والانقلابيون (الحوث عفاشيون) من جهة أخرى، وبعد مرور ثلاثة أعوام، بالوفاء والتمام، مازالت قوات الشرعية محلك سر، في جبهتي نهم وصرواح القريبتين من صنعاء، بالرغم من التفوق لقوات الشرعية مدداً وعتاداً ودعماً جويا وبريا وبحريا، وقد باتت الجهة المعيقة للتقدم معروفة لدى قيادة التحالف العربي.
ولكن وبعد ثلاثة أعوام من تلك الحرب يأتي المبعوث الأممي الثالث مارتين جريفيث، لمواصلة العمل خلفاً للمبعوثين السابقين بن عمر وولد الشيخ أحمد، ولذلك فإن زيارة المبعوث الأممي جريفيث إلى صنعاء يمثل اعترافا ضمنيا بحكومة الانقلابيين في صنعاء كأمر واقع فرضته الضرورة على اعتبار أن الحوثيين هم المسيطرون على أغلب مساحة الجمهورية العربية اليمنية، والقاعدة المتعارف عليها تقول "من يملك السيطرة على الأرض أكثر هو من يملك أوراق القوة في المفاوضات"، وهي القناعة ذاتها التي وصل إليها المجتمع الدولي تقريباً.
ولذلك فإن كل المعطيات تشير إلى أن الحل العسكري بات غير وارد على الأقل في المدى القريب، وبالتالي فإنه لابد من حل سياسي لوقف نزيف الدم ومعاناة الملايين من اليمنيين، وهذا ما بات مقبولاً تقريباً من الطرفين من حيث الفكرة، ولكن على كيف؟ فهذا الأمر ليس واضحاً حتى الآن، وكما يقال بأن الشيطان يدخل في التفاصيل، وهذا ما نتركه للأيام القادمة لنرى مَن ينجح المبعوث الأممي أم الشيطان؟
هذا فيما يتعلق بالحرب اليمنية الدائرة في المحافظات الشمالية، ولكن ماذا عن الجنوب؟ فهل سيكون حاضراً في المباحثات التي سيجريها المبعوث الأممي مارتين جريفيث؟ أم أنه سيتم تعليق القضية الجنوبية إلى ما بعد حل قضية الحرب اليمنية بين طرفي الصراع في الجمهورية العربية اليمنية؟ فالمشهد مازال غير واضح حتى الآن.
ومن المعروف أن عدداً من المتنفذين في الشرعية اليمنية لا يريدون لشعب الجنوب خيراً، ولا يريدون حتى زيارة المبعوث الأممي إلى عدن، فهاهم بظاهرهم ضد الحوثيين قولاً، وفي باطنهم ضد القضية الجنوبية عملاً، فهم أكثر عداوة للجنوب وأقرب مودة للحوثيين، مهما اختلفوا فيما بينهم على السلطة والنفوذ إلا أنهم على قول المثل الشعبي العدني “الجنس يحب الجنس، ولو كان نجس".
ولكن هيهات لأولئك الحاقدين (فالكلاب تنبح والقافلة تسير)، باعتبار إرادة الشعوب دوماً هي المنتصرة، ولذلك فإنه ينبغي اليوم بل ويجب على المجتمع الدولي وضع القضية الجنوبية في الحسبان، وإعطائها حقها من الاهتمام المطلوب، باعتبارها أم القضايا ومفتاح الأمن والاستقرار لليمن والمنطقة العربية عموماً، كما يجب اليوم على قيادة التحالف العربي عدم الربط بين القضية الجنوبية وقضية الحرب اليمنية، لكون الحرب اليمنية أساساً هي من أجل السلطة والنفوذ بين طرفي الصراع.
أما القضية الجنوبية فهي قضية مستقلة بذاتها، فهي قضية وطن واستعادة دولة ومن أجل ذلك ناضل شعب الجنوب العظيم، وقدم قوافل من الشهداء والجرحى ومازال يقدم وسيظل كذلك حتى تحقيق الهدف المنشود.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.