توقف مجلس النواب اليمني عن ممارسة الدور المناط به بموجب الدستور الساري، ونتيجة للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية تعطل عدد محدود من مسؤولياته، وأضحت أغلب قراراته تتم بالتوافق لا التصويت، وإذا ما أضفنا إلى هذا أن المجلس الحالي هو الأطول عمرا إذ تم انتخابه عام ٢٠٠٣ وتم التمديد له عام ٢٠٠٧ لعامين إضافيين مكافأة لأعضائه نظير قبولهم تعديل الدستور الذي منح الرئيس السابق علي عبدالله صالح فرصة الترشح مجددا لانتخابات الرئاسة عام ٢٠٠٦ التي فاز بها على منافسه الراحل فيصل بن شملان بعد أن كانت مدته الدستورية على وشك الانتهاء، ومرة أخرى جرى تمديد إضافي عام ٢٠٠٩، ثم دخلت البلاد في دوامة «الربيع» واستمر المجلس ولا يزال بمسوغ دستوري هو عدم إمكانية إجراء انتخابات نظرا لأوضاع البلاد الأمنية والاجتماعية وبهذا صار المجلس رغم عجزه المؤسسة الدستورية الوحيدة القائمة.
خلال الفترة التي تلت انقلاب ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ الذي استولت فيه جماعة (الحوثيين) على العاصمة ودخول البلاد في جحيم حرب أهلية مستمرة حتى اليوم، توزع أعضاء المجلس بين مقيم بدون عمل؛ لأن الانقلابيين حاصروا مقره وأوقفوا نشاطه تماما، وبين مهاجرين في أصقاع الأرض مع أسرهم خشية التعرض للأذى والملاحقة، وبقي الخمول يخيم على الأعضاء في الداخل والخارج ولم يلتفت أحد إلى ضرورة النأي به عن الصراعات والحفاظ على تماسكه، ولكن فجأة دبت الحياة في جسد المجلس في الداخل فأفرج الحوثيون عن المبنى بعد اتفاقهم مع المؤتمر الشعبي في الداخل على تشكيل ما سمي مجازا (حكومة الإنقاذ الوطني) في ٢٨ نوفمبر ٢٠١٦ وحصلت على ثقة أعضاء مجلس النواب في الداخل في ١٠ ديسمبر ٢٠١٦ ولم تحصل على اعتراف من أي دولة، وبدأ النشاط الخجول في الداخل وإن كان في واقع الأمر هزليا لأنه يحاول القيام بدور رقابي على حكومة بلا مؤسسات ترتبط بها عمليا وليس لها شرعية قانونية بعد أن تم العبث بهياكلها الإدارية وتعميد ما يسمى بالمشرفين التابعين للحوثيين تفوق صلاحياتهم الوزراء وحتى رئيس الوزراء الشكلي، وفي الطرف الآخر بقي أعضاء المجلس المهاجرون منقسمين بين مؤيد للحكومة الشرعية وآخرين لا يتعاملون معها وبعض يقف بين «منزلتين» وصار الصراع بين الفئتين محتدما في أروقة الاتحاد البرلماني الدولي ما حدا به إلى تعليق عضوية مجلس النواب بطرفيه.
حاليا تجري مساع حثيثة لحشد أكبر عدد من النواب المتواجدين في الخارج وهم في كل الأحوال لا يمثلون الأغلبية المطلوبة دستوريا لعقد أي اجتماع في إطار الصراع المحتدم بين المجلسين (الداخل والخارج)، وإذا نجح الأمر فإن أغلب الأعضاء لن يعودوا إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية بسبب استقرار أغلبهم مع أسرهم خارج اليمن، كما أنه سيضرب آخر مؤسسة دستورية في العمق ولن تنجو من التأثيرات السلبية بينما المطلوب الحفاظ على تماسكها في الحدود الدنيا وبذل المساعي الجادة لتوحيد الأعضاء.
يواجه أعضاء مجلس النواب في الداخل والخارج مأزقا، فالمقيمون في الداخل يقومون بدور في تمثيلية لإعطاء الانطباع الكاذب بممارسة مهماتهم الدستورية في وقت يعرف الجميع أنه غير جاد وغير مفيد، والذين يعيشون في المهجر تم تعيين العديد منهم في مواقع تمنعهم حكما من الانتماء إلى المجلس فهم بين مستشار ومحافظ، والكل يعلم أن لا أحد من الطرفين سيتمكن من جمع النصاب المطلوب دستوريا لانعقاد المجلس مما قد يعرضه للتشكيك من قبل الاتحاد البرلماني الدولي. في المحصلة فكل هذا النشاط المتأخر جدا لا يعني المواطنين الذين يعانون مآسي الحرب وأحزانها ولا يثير اهتمام ناخبيهم الذين لابد أنهم قد نسوا ممثليهم الذين استمروا في مواقعهم ومازالوا منذ ١٤ سنة.