المنصورة اكبر مديريات عدن ظلت فترة تعاني من سيطرة المليشيات المسلحة الخارجة عن النظام والقانون , وتحت سطوة " ابوسالم " و " الزنجي " الى ان تم تنظيفها بقوة السلاح وضمن خطة أمنية فعالة وبجهود السلطة المحلية والاجهزة الامنية .
الان وبعد ان بدأت الاوضاع الأمنية في عدن تستتب , مع تحسن ملحوظ في الخدمات العامة , وبدلا من التوجه لبناء وتأهيل مؤسسات الدولة ، والعمل على استيعاب افراد المقاومة ضمن المؤسسات الأمنية والعسكرية ، ومساعدة السلطات المحلية والامنية في جهودها لفرض هيبة النظام والقانون وتعزيز مداميك الدولة المدنية المنشوده .. صار في عدن للفوضى ثمن , فوضى ليست خلاقة كما يصفها البعض , بل فوضى هدامة , تقوض دعائم الامن والاستقرار , فوضى تجتمع مع العبث في بوتقة واحدة , يجمعهم هدف مشترك ومصلحة واحدة , بعد ان وجدوا انفسهم لايطمئنون للعيش الا في ظل فوضى عبثية , ولايشعرون بطعم الحياة الا عندما تتسيد لغة المليشيات المسلحة التي تستعدي عدن وحاكمها وآمنها واستقرارها , وتنشر الفتنة وتحرض على الصراعات السياسية والقبلية , فوضى هدامة يشرعها قيادات ويبررها مثقفون واعلاميون وسياسيون .
وفي ظل صمت رهيب على الرزايا من الاوصياء على عدن ، برز للسطح من يريد ان يعيد عدن للمربع الأول من خلال شيطنة المقاومة , التي انتهاء دورها ومهامها القتالية بدحر الانقلايين وتحرير عدن , واستغلال اسمها ووجودها للمقايضة والمناورة لصالح مراكز قوى في الشرعية وخارجها تسعى للنيل من ماحققتة السلطات المحلية والامنية في عدن من انجازات , وتقويض سلطاتها وتغييبها , بوجود مليشيات لا ضابط لها وعابرة للوطنية والمواطنة والمقاومة الوطنية الشريفة التي لم تعد عدن في حاجة لها , وبات مكانها وموقعها الطبيعي ليس عدن بل جبهات القتال في باب المندب وكرش ومكيراس وبيحان .
زمان قبل عام 90 , وقبل ان تعم عدن والجنوب ثقافة السلاح والافندم والشيخ والغي والطغيان , كان الشعب الجنوبي مشبع حتى النخاع بثقافة المدنية والنظام والقانون والإيثار والتعاضد..
اليوم وبعد عام ونصف من تحرير عدن , وعودة الحكومة والشرعية الى عدن , ابت تلك القيم النبيلة التي يتمز بها الجنوبيون من العودة لسابق عهدها, وظلت ثقافة السلاح والافندم هي المسيطرة , وكل جماعة بقوة السلاح تفرض نفسها , وصارت تلك الثقافة الجنوبية في حكم العدم , وحلت بدلا عنها مفاهيم جديدة , خلقت قيادات مهجنة ومشبعة بثقافة القوة والاستحواذ والتفاخر بالسلاح والاستعراض بالاطقم والمواكب والهمجية , لايهمها الأمن والأمان ، ولايهمها حتى وان تناثر الحلم وتعرضت عدن للمهالك وتلاشت معالم الدولة المدنية التي لازالت مجرد طموح بعيده المنال يسعى لتحقيقها وتثبيت مداميكها الشرفاء والمخلصون , ويرفع شعارها زورا العابثون بالحاضر والمستقبل واللاهثون خلف الزعامة والبحث عن الذات في مزاد تتنازع فية الصلاحيات بعدن خارج اطار النظام والقانون .
ان من يتصفح تاريخ عدن يعصرة الألم وتتملكه الحسرة انها وقعت فريسة سهلة في ايادي زيود لايجيدون سوى النهب والقتل والتدمير .. وحين نفضت عن نفسها غبار السنين الحالكات وردت لها الروح بنهر من الدماء الزكية من اجل الحرية والحياة الكريمة , يأبى البعض ان يعود لعدن رونقها ومكانتها كمدينة ذات حضارة وشعب كان في التاريخ منارة .
#shefaa_alnaser