لاشك إن حضرموت منذ زمن بعيد أقترن إسمها بالهجرة وباتت سمة ملازمة لها وعكست ذلك في جل نشاطها الإجتماعي والإقتصادي والثقافي في مهاجرها وشكلت بذلك حضورا واضحا في إدارة أنشطة تلك المهاجر وأثرت على تغيير مسارات الجغرافيا المهجرية وأخذت على عاتقها تطبيع وتشكيل الحياة المدنية الفارضة حضورها الحضاري على مفاصل الحياة وإندماجها حد الإنصهار مما ولد تآلف غير عادي مع بنيات المجتمع التي تتواجد فيه وهو أحد المزايا الرئيسية التي تميزت بها الشخصية الحضرمية الفريدة .
في تقفي ظاهرة شخصية الحضرمي مهجريا نجد أن الباحثين لعلم الأجتماع يرون أن هناك مزية خاصة وفريدة فيها والتي عكسها تعاملها البسيط والمؤثر في مجتمعات مهاجرها رغم قلة عددها ووسائل تأثيرها .
والحديث عن وضع الإنسان الحضرمي في مهاجره وعلاقته بموطنه الأم بالرغم من نشوء أجيال متعاقبة لاتعرف موطنها الأصلي إلا من خلال مايتربى عليه في أسرته من أهمية معرفته بوطنه الأم (حضرموت ) وإرتباطاته بعاداتها وتقاليدها كموروث ما انفك الآباء يعلمونه الأبناء مما جعلها حاضرة في أذهانهم وهو مايمكن الحضرمي قوي التأثير في تلك المجتمعات ويظل إنشدادهم لوطنهم الأم يتنامى بتعدد الأجيال مهما كانت ظروف وأحوال معيشتهم بتلك المهاجر .
في هذا الظرف المواتي تاريخيا لحضرموت أن تحدد مسارات حياتها وقرارها السياسي وبهذه الفرصة السانحة التي ربما لاتتكرر فإن مسؤولية هذا التحديد تقع على جميع أبنائها بالداخل والخارج وهم جميعا شركاء في قرار تحديد مسارها العام القادم .
إن هذه القوة الحضرمية المهجرية ذات أهمية قصوى في التعاطي مع الخيارات لتحديد مسارات المرحلة القادمة لإعتبارات عدة :
أولا : التعداد المتعاظم للحضارمة في مهاجرهم التي تشكل غالبية عظمى مقارنة بأعدادهم في موطنهم والكثافة لعلها من أهم أسباب القوة والتي تبحث عنها المجتمعات هي قوتها البشرية.وباعتقادي مايزيدها خصوصية هنا إن في معظمها مدربة مهنيا وأكاديميا في مهاجرها وبالتالي فهي جاهزة بنقل خبراتها وتجاربها في مهاجرها وإحداث نهضة تنموية شاملة مع تداخل وتواصل للأجيال .
ثانيا : القوة الإقتصادية التي تتميز بها هذه القوة المهجرية من خلال رؤوس الأموال الإستثمارية. وحجمها المتداولة في نشاطها المهجري وهي بلاشك تعد تعزيزا لحضرموت في مجال النهضة الإقتصادية القادمة فالرأسمال الحضرمي في المهجر ينظر لموطنه حضرموت ككنز إستثماري بكر ويتمنى أن يعمل بها شريطة إستقرار ظروفها السياسية والأمنية .
ثالثا : مقدرة هذه القوة الحضرمية في خلق مناخات ملائمة من الآخر إقليميا ودوليا في علاقات حضرموت من خلال علاقاتها التاريخية والإقتصادية مع تلك الدول في مهاجرها خاصة في تلك الدول التي تمتلك فيها القرار السياسي في إدارتها أو قرارها الإقتصادي في إمتلاك تجارتها وإستثماراتها في مهاجرها وهي بلاشك تشكل رافدا لايستهان به في توظيفه لتنمية حضرموت.
من كل تلك الإعتبارات نجد أن الضرورة تحتم على القائمين على مثل هذه المؤتمرات أن تفكر مليا في إيجاد وسائل تواصل مع هذه القوة الحضرمية المهجرية ومشاركتها في تحديد مسارات مستقبل حضرموت التي لها الحق في ذلك على إعتبار إنها قوة لايستهان بها لتلك الإعتبارات وتعزيز الرابط الوطني بوطنها الأم الذي تتطلبه المرحلة الآنية والمستقبلية .