اعتقد .. وانا اعتقد ولا اجزم ، ان اقدام الرئيس : عبدربه منصور على اختيار الجنرال : علي محسن الاحمر.. نائبا لرئيس الجمهورية لم يأتي نتيجة ضغوط مورست عليه من أي جهة ، من الاشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي ، كما حاولت تصويرها مجموعة من القنوات التلفزيونية ـ العربية و الغربية ، في نشراتها و حواراتها عن اعفاء الاستاذ : خالد محفوظ باحاح من منصب نائب رئيس الجمهورية الذي تولاه الي جانب رئاسة الحكومة خلال عام من انطلاقة عاصفة الحزم لاستعادة اليمن .
هذا التناول الاعلامي لموضوع مثل هذا في تقديري الشخصي.. لم يأتي من فراغ و الي فراغ ، وانما لأهداف احسب انها لا تتوقف عند العمل على توسيع الشروخ في هيكل الشرعية اليمنية فحسب، بل و لتفكيك وحدة الموقف الخليجي المؤازر للشرعية اليمنية ، في هذه المرحلة التي تجاوزت فيها معركة عاصفة الحزم مجرد استعادة اليمن الي حضنها العربي ..الي الانتقال بهذا الحضن الي درجة من الوحدة الاستراتيجية لاستعادة القرار العربي ، و تفعيله في تقرير مستقبل الشرق الاوسط برمته ، وهو امر لن يتحقق الا بدور محوري وفاعل لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ـ كمنظومة اقليمية تخشى فاعليتها القوى الدولية الطامحة الي اعادة رسم خرائط نفوذها من خلال الطائفية و الأثانيات العرقية في المشرق العربي .
هذا الاعلام .. وجد في هذه التغييرات في راس هرم الدولة و الحكومة اليمنية، بوابة للدفع باي تباينات في وجهات النظر بين دول الخليج العربية ـ ان وجدت ، وهو امر طبيعي ، الي خلافات يمكن توسيعها لكي تعيق مجموعة من اهداف عاصفة الحزم ،واهما تطوير التحالف العربي الي مؤسسة استراتيجية في النظام العربي ، تعيد للجامعة العربية حيويتها وللعرب دورهم و مكانتهم في السياسة الدولية ، وتدفع بالتحالف الاسلامي من خلال محوري السعودية ـ تركيا في اتجاه تطوير منظمة التعاون الاسلامي سياسيا و اقتصاديا و عسكريا بما يتوازى وحجمها باعتبارها ثاني منظمة دولية بعد منظمة الامم المتحدة .. وهذا ما يزعج القوى الكبرى ، بكل تأكيد لإعاقته المشروع الصفوي ـ الفارسي في المشرق العربي ، هذا الانزعاج يلمسه القاري والمتابع لتلك القنوات و الصحافة الغربية و الامريكية منها على وجه الخصوص ، في تناولها للتحالف الاسلامي و لمناورات رعد الشمال ، بوضوح ، وفي الحملة الاعلامية على السعودية وتركيا.. المتواصلة لا كثر من السته الاشهر ، هذه الصورة التي تكونت لدي ، ليست نتيجة لمتابعتي وقراءتي للحملة الاعلامية فحسب ، بل وتعززها تلك الانفعالية و التفاعل في موسكوا و واشنطن على الجبهة السورية .. ودون شك هناك الكثير من المهتمين و المهمومين الذين يدركون اسباب هذه الهجمة و اهدافها منذ انطلاقة عاصفة الحزم .
▪▪ اذا ليست القضية باحاح .. و لا علي محسن الذي احتل موقعة العسكري و السياسي ، في اطار تصحيح خطأ كان يمكن ان لا تقع فيه مؤسسة الرئاسة بتعين باحاح ، وربما لولا هذا الخطأ لتغيرت مسارات المعارك في الجبهات الشرقية و الغربية ـ من الشمال اليمني ، حيث يتمتع الرجل بعلاقات اجتماعية واسعة هناك فضلا عن علاقاته بالقوات المسلحة و القبائل المقاتلة الي جانب الانقلابين .
قد يقول قائل ولكن باحاح .. قبل الموقع في لحظة حرجة و صعبة ، و اقول نعم ، وكانت الفرصة امامة كبيرة ، الا انه مع الاسف خانته التجربة ، ولم يعوضها بتوسيع دائرة محاوريه و حوارييه ، رغم ترحيب الجميع به ، كوجه سياسي شاب و واعد ، ظلم نفسه و مهمته في محيط ضيق ، ادخله في خلافات و حالة من التوجس وعدم الثقة في غيرهم ، دفعت به الي ادعاء الشرعية ونسي ان الشرعية الوحيدة هي الممثلة لسيادة الشعب و لا يتمتع بها غير الرئيس : عبدربه منصور هادي ، وبالتالي من حقه اختيار مساعديه بما فيهم رئيس الحكومة .. و الحكومة ذاتها في هذه المرحلة الصعبة .
لذا اختار لرئاسة الحكومة سياسي له تجربته ، ومن حضرموت ايضا ،للحفاظ على التوازن السياسي و المناطقي ، وفي تقديري اختيار الدكتور : احمد عبيد بن دغر .. ليس مبني على حسابات شخصية لعبد ربه منصور ولا املتها خلافاته الشخصية مع باحاح ، او مع دولة الامارات العربية المتحدة كما يصورها الاعلام ، ثم ان البحاح رجل دخل عالم السياسة من بوابة اتفاق السلم و الشراكة ، و هو اتفاق الغاه رئيس الجمهورية فور وصوله عدن .. على اثر تحرره من اسر الانقلابين ، الذين وافقوا على باحاح كرئيس حكومة تكنوقراط لا حكومة سياسية .. و ان قلت فرضوه على الرئيس فلا اظنني اجافي الحقيقة .
▪▪▪ يبدوا ان الاستاذ : خالد باحاح .. ظل اسير عقلية التكنوقراط في الوقت الذي كان عليه الارتقاء الي قائد سياسي ، الامر الذي جعل من الحكومة بطة عرجاء طال انتظار علاج قدمها السياسية ، فهل يستطيع بن دغر جبر ذلك الكساح ؟
في اعتقادي .. كما قلت وانا دائما اعتقد لا اجزم ، خصوصا في ظل ادارة سياسية هشة لم تصلبها الازمة و الحرب ..ان بن دغر يتمتع بمواصفات السياسي المجرب ، ولديه رؤية مسبقة للحوار الوطني تمحورت حول لا مخرج للازمة اليمنية الا من خلال العودة الي جذورها ، و جذورها هو التعددية المجتمعية و التجزئة السياسية و لا يمكن تجاوز ذلك الا من خلال الدولة الاتحادية ، هذه الرؤية اضحت قضية الرئيس :عبدربه منصور .. وهو من يتحمل مسؤوليتها التاريخية ، و نامل ان يكون اختيار الدكتور : بن دغر لرئاسة الحكومة خطوة على طريق تغيير حكومي ايجابي يساعد الرئيس هادي في استعادة اليمن وبناء الدولة الاتحادية لكي لا نعود الي التجزئة التي اضحت حالة تتمترس خلفها مجتمعاتنا بعد فشل مراحل التشطير و الوحدة في بناء دولة اليمن الموحد .
▪▪▪▪ ننتظر الخطوات القادمة .. وعلى مختلف المسارات العسكرية و الادارية ـ السياسية لتحقيق اهداف فشلت حكومة التكنوقراط في الاقتراب منها فضلا عن تحقيقها ؟!.
*عضو المجلس المحلي لمحافظة حضرموت .