ما هو مطلوب الآن

2015-02-23 03:07

 

حملت المناورات المصرية - السعودية في البحر الأحمر دلالات جيوسياسية تتعلق بالأمن القومي العربي، وفي الصميم منه الأمن القومي المصري، وللأمر صلته الكبيرة بمجريات ما يحدث في اليمن وانعكاساته المحلية والإقليمية، خاصة ما يتعلق بخطوط الملاحة العالمية التي تحمل إلى الغرب نصف محتاجاته من النفط.

 

لقد رأينا في عين العاصفة التي تهب على اليمن المواقف الدولية وحساباتها الدقيقة فيما يتعلق بالمصالح أساساً بحيث يبتني الموقف السياسي انطلاقاً منها، الموقف الأمريكي المنطلق من قناعاته بمحاربة الإرهاب أولا كما يدعي، والموقف الروسي والصيني انطلاقاً من مصالحهما المتضاربة مع أمريكا في الاقتصاد والسياسة وبناء مواقف مشتركة لتحجيم الهيمنة الأمريكية التي لم تستثن الخاصرة الرخوة لروسيا في أوكرانيا وشرق أوروبا والرد على ذلك متى ما أمكن ذلك في غير مكان من العالم ومنه اليمن.

 

واللافت أن التحرك البريطاني قد خفف من سقف الموقف الدولي الذي دعت إليه دول مجلس التعاون الخليجي بتبني القرارات تحت البند (السابع) إلى البند (السادس) ومعها الأردن، مما يخلط أوراق اللعبة الدولية والإقليمية في اليمن بحيث تتعذر الرؤية لقراءة ما في الأفق يمنياً، والخشية أن القوى اليمنية باتت هي آخر ما يمكن الركون إليه لتجنيب البلاد تجاذبات الدول الكبرى المؤثرة وطموح القوى الإقليمية كإيران الساعية إلى إيجاد موطئ قدم جديدة لها في جنوب الجزيرة العربية.

 

بينما القوى الجنوبية تسقط في رهان الخلافات دون أن تعي خصوصية المرحلة الدقيقة وهو ما يجعلها فريسة سهلة للتبدل السياسي القادم من الشمال، وللفوضى المزروعة بعناية في الجنوب من أطراف شمالية نافذة كانت قد حسبت حسابها لمثل هذا اليوم، ولذلك سيظل الجنوب بين حجري الرحى ما لم يتحرك أبناؤه - ولمرة واحدة على الأقل - باتجاه الحكمة وإعمال العقل وتغليب المصالح الوطنية على ما عداها، ووضع بصمتهم التاريخية في إنقاذ الجنوب من عاتيات المجهول بتوحيد الإرادات المبعثرة في إرادة واحدة تقود الجهود المأمولة إلى بر الأمان.

 

يمكننا أن نعرف ونقدر أن أمن الآخر العربي، وتحديداً مصر العربية، يبدأ من رفح شمالاً وينتهي في مضيق باب المندب وجزيرة ميون وجنوب البحر الأحمر، وباستطاعتنا العودة الواعية في الجنوب إلى توحيد جهودنا السياسية الداخلية التي تحفظ هذه المنطقة من المخاطر والأطماع المختلفة والتنسيق مع إخوتنا في مصر العربية والمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي في ذات الاتجاه بدلاً من أن نصبح مشاعاً للأطماع الخارجية التي تريد الهيمنة والاقتتال مع الآخرين في أرضنا بالنيابة عنهم.

 

وأي كيان سياسي وطني متفق عليه في الجنوب يجب أن يطالب الإخوة الأشقاء في مصر والسعودية والخليج بالقيام بدورهم القومي تجاه هذه المنطقة وشعبها دون خجل أو مواربة للمساعدة في خروجها من هذه الأزمة المستحكمة، لما فيه مصلحة الجميع.

* الأيام