صرح الملحق العسكري اليمني في أنقرة "عسكر زعيل" بحاجة اليمن للتدخل العسكري التركي وانضوائها في كنف الخليفة أردوجان العثمانية الجديدة، وأثنى على تاريخ آل عثمان في اليمن وما تركه من عمران وحضارة على حد زعمه، ونسي زعيل أن الأتراك دخلوا اليمن غزاة ولم يخرجوا منها إلا فلولا مدحورين ومن ثم سميت اليمن مقبرة الغزاة.
من حق زعيل أن ينعق بما لا يستطيع سيده علي محسن الأحمر أن يفعله في الرياض، تفريجا عن حالة يأس تحيق بالمشروع الإخواني في غير مكان من الوطن العربي.
لقد لاح في الأفق تباشير التأسيس لمشروع الأمن القومي العربي المشترك بقيادة مصر والسعودية والإمارات العربية وسوف تلتحق به -لا مناص- عديد الدول العربية إذ لا مخرج لها، وخاصة دول الجزيرة والخليج العربي، من الحفاظ على أمنها إلا بالتكامل مع مصر في وجه الأطماع الدولية والإقليمية المعادية للعرب وتحديدا من تركيا أردوجان وإيران الملالي وإسرائيل.
وللسذج ممن يروجون للعثمانية الجديدة ويتوارون وراء لفظة (الخلافة) دون أن يشيروا إلى أنها قد حددت منذ الخلافة الراشدة بحديث الرسول الكريم صلعم: الأئمة في قريش.
وعليهم أن يراجعوا التاريخ ليعلموا ماذا عمل العسكريون الأتراك من أباطيل بالخلافة العباسية، قتلوا سجنوا وذلوا الخلفاء مستغلين سطوتهم العسكرية منذ أن جلبهم الخليفة المعتصم من بلاد ما وراء النهر؛ الشاش واشروسنة وفرغانة وغيرها.
لقد كانوا شوكة فقأت عين الخلافة حتى إن شاعرا وصف الخليفة العباسي بقوله:
خليفة في قفص * بين وصيف وبغا
يقول ما قاله له * كما تقول الببغا
كانوا يعزلون خليفة أو يقتلونه وينصبون من يشاءون، وضربوا وحدة الخلافة وتقاسموا الإمارات المختلفة فسقطت بغداد عاصمة الخلافة بيد التتار. وما كان لمصر إلا أن تتصدى لزحفهم الجامح وتضع حدا له في (عين جالوت)، ثم سقطت بغداد ثانية بيد الفرس الصفويين حتى جاء العثمانيون وأطبقوا عليها وعلى ربوع الوطن العربي بحكمهم الانكشاري البهيم.
ومرة ثانية تستطيع مصر بقيادة إبراهيم محمد علي باشا أن تلجم أطماع العثمانية وتلحق بهم الهزيمة عام 1830م وتحرر الشام وتزحف نحو الأناضول فتتدخل بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية ليجهضوا مشروع الدولة القومية العربية لمحمد علي وابنه إبراهيم واحتلال مصر عام 1882م.
وقد يستغرب البعض أن يكون لرجل غير عربي مثل محمد علي وابنه إبراهيم مشروع قومي عربي وصل إلى قلب الجزيرة العربية وتهامة اليمن وجنوب السودان والصومال جنوبا وإلى بلاد الشام شمالا، ولكن وجه الغرابة يزول عندما نعلم أن القومية العربية بالولاء وليس بالدماء، وإلا لكان محسوبا على العرب من هم أشد عداوة من أبناء جلدتهم مثل السراج وتوكل كرمان وزعيل وسيده في الرياض.
ونؤكد لهؤلاء أن رجلا مثل الكواكبي صاحب (طبائع الاستبداد) ورغم تمسكه بالخلافة في تلك الفترة إلا أنه يشترط أن يكون على رأسها عربي من قريش.
لقد تأسست الجمعيات العربية السرية والعلنية عندما اشتد الطغيان العثماني حيث سعت جمعية (الاتحاد والترقي) إلى تذويب جميع القوميات في القومية التركية وفرض اللغة التركية على العرب، فأجج ذلك الشعور القومي في صدور الشباب العرب ودفعهم إلى التفكير في التخلص من حكم العثمانيين.