الانتقال الإيجابي .. الشرعية للجنوب

2015-02-14 20:43

 

لا يتبقى من شرعية وحدة مفترضة بين الشمال والجنوب ما يفي بجعلها قميص عثمان، تذرعت به صنعاء واستجاب لها الجوار والإقليم والعالم اعترافا بالأمر الواقع، بعد أن رأينا مقومات الشرعية تسقط تحت وابل من الرصاص، على يد الحوثيين أنصار الله، وتدخل صرختهم المدوية القصر الجمهوري عازلة الرئيس الشرعي والمنتخب عبدربه منصور هادي عن العالم، وناقضة كل ما اتفق عليه الشركاء السياسيون في مؤتمر الحوار على هدي المبادرة الخليجية، وباركه العالم، مما يعني - دون اجتهاد كثير - أن الشرعية التي كانت قائمة وتحكم بموجبها صنعاء طرفي المعادلة (الشمال والجنوب) قد سقطت رغم أن قطاعات جنوبية واسعة كانت تئن من وطأة هذه الشرعية المفترضة دون أن يلتفت إليها أحد من العالم المؤثر يمنيا أو في اليمن بالأصح، لأسباب تتعلق بالمصالح والترابطات الدولية والإقليمية، ولسبب جوهري ذاتي يتعلق بالقوى الجنوبية الرافضة التي خلقها حراك جماهيري عارم، وعجزت أن تتوحد لتخاطب العالم بصوت واحد فيه من الرصانة والواقعية ما يقنع الآخرين ويطمئن توجساتهم من إعادة سيناريوهات جنوبية مؤلمة.

 

ولذلك فإن قمة الجهل السياسي أن تنبري أصوات تقول: إن ما يحدث في صنعاء لا يعنينا، وكأن الجنوب قد حقق ما يصبو إليه أبناؤه واعترف به العالم، بينما الصواب أن تتجه الأصوات نحو بلورة رؤية موحدة يتشارك فيها كل أبناء الجنوب: الحراك الشعبي السلمي بكل مكوناته والسلطات المحلية في المحافظات الست والأحزاب والتنظيمات السياسية والحزبية وأعضاء مجلسي النواب والشورى وأعضاء مؤتمر الحوار وأعضاء منظمات المجتمع المدني والأكاديميون والنقابات والعسكريون والأمنيون والمرأة والشباب والطلاب لتنبثق عن هؤلاء هيئة تنسيقية مختارة بعناية لمجابهة التحديات المحلية (الجنوب) والتشاور والتنسيق مع المحافظات المجاورة (تعز، البيضاء، مأرب) لدرء مخاطر التمدد غير المشروع للإخوة أنصار الله، والإعلان رسميا عن سقوط شرعية النظام السياسي المعترف به من الجميع داخلياً وخارجياً ونفي نظام الرئيس عبدربه منصور هادي، بما يجعل الجنوب في حل من التزامات الوحدة التي كانت قائمة ويجعل قياداته المتمخضة في المحافظات الجنوبية تمتلك شرعية التحدث مع الجوار والإقليم والدول الكبرى، ودون أن نغفل جمهورية مصر العربية بشأن تغيير الوضع القانوني لليمن الموحد، وبروز وضع قانوني جديد يتطلب النظر إليه بشاكلة أخرى تنسجم والمتغيرات الجديدة على الأرض.

 

وليعلم الجميع أننا لسنا بصدد توزيع (التورته) لكي نختلف على المواقع والمناصب، وإنما هي مرحلة غاية في الخطورة تتطلب العمل بكفاءة عالية وليس بشعارات غوغائية تخفي أطماع أصحابها كما تخفي عجزهم عن الأداء الوطني المتوازن والمنطقي.

 

فهذا التكوين المقترح والمفترض هو وضع آني ليضع البلاد في بداية الطريق الصحيح هذه المرة، طريق الديمقراطية الحقة، وبناء الدولة التي تتسع للجميع دون أن يعتلي أحد على أحد أو منطقة على أخرى.. إلا أن يكون لعدن وحضرموت خصوصيات مدنية وحضارية ينبغي ترسيخها وتمييزها لمصلحة الجميع.

* الأيام