من الصعب الدفاع عن مسؤولين فاسدين لكن من الصعب أكثر أن أتقبل أن يتم تقويض الدولة ومؤسساتها ووحدتها بسبب فساد مسؤولين رئيسيين فيها، ويمكن أن نجد حلاً وسطاً عبر اصلاحات تدريجية وعزل تدريجي للفاسدين وغل ايديهم عن الموازنة العامة والمحافظة على الشرعية المتبقية للدولة ومؤسساتها وعلى رأسها مجلس النواب مهما كان التشكيك المثار حول شرعيته.
كما أنه لا يجب أن يتم اعلان عن أي تسوية الا بموافقة أغلب القوى السياسية الفاعلة على الأرض، فاعلان خيار أحادي من طرف واحد وتحت أي غطاء سيقوض ما تبقى من مؤسسات الدولة نتيجة لعدم الاعتراف المتوقع من عدة مناطق في شمال الوطن وجنوبه وسيكون المسمار الأخير في نعش اليمن ووحدته وأمنه وسلامة أراضيه.
اعلان خيار احادي سيؤدي الى انهيار اقتصادي سريع إذا ما سحبت السعودية وديعتها التي في البنك المركزي، ولم يعترف العالم بشرعية السلطة الجديدة، وتم وقف كل المساعدات والمنح والقروض الميسرة، وستعجز الخزينة العامة حينها عن تسديد حتى المرتبات وسينهار الريال مما سيؤدي الى ارتفاع جنوني في الأسعار، ومن يطلع على الموازنة العامة للدولة سيكون لديه نفس المعطيات التي لدي وحتماً سيكون لديه نفس التوقعات التي لا تحتاج الى ذكاء أو تحليل، فقط استخدم الحاسبة وستعرف حتماً أننا مقبلون على الأسوأ.
ولذا على من سيعلن خيار أحادي أن يعرف أن الملائكة لن تهبط من السماء لصرف المرتبات، ولن تمول سوق العملة بالدولارات لتحافظ على استقرار أسعار الصرف، فالاقتصاد بحاجة الى حساب وجمع وطرح وخبراء في الموارد، ولن يتحسن أو يخرج من الركود عبر الدعاء وقراءة بعض آيات القرآن الكريم، وبالتالي فعليه تجهيز خطط بديلة ومصادر دعم من جهات أخرى ليكون جاهزاً لمواجهة الانهيار الاقتصادي المتوقع.
كما أن على التيار الذي سيتخذ القرار بخيار أحادي أن يضع سيناريوهات لما قد يحصل في الجنوب وحتى في بعض المحافظات الشمالية من تداعيات، ويفترض أنه قد دخل في تحالفات مع قوى محلية في تلك المناطق لتكون شريكة له في المرحلة التي سيعلن خيارها انطلاقاً من الصالة الرياضية في صنعاء.
ويفترض كذلك أن الشخصيات التي استضافها في المؤتمر من مختلف المحافظات لها تواجد وازن على الأرض بما يجعل تحالفه معها مؤثراً في قرار تلك المناطق الى الدرجة الذي يضمن فيها بقاء الأوضاع على ما هي عليه على الأقل.
أما إذا لم يكن أنصار الله قد وضعوا في بالهم كل تلك الأوضاع والسيناريوهات ولم يجهزوا خططاً للتعامل معها وتحالفات لوقف أي تداعيات فإننا أمام تيار سياسي يتصرف ببساطة وسطحية الى أبعد حد، وينتظر من الله أن يكمل الدور وأن يحل له المشاكل، وهنا تكمن كارثية التيارات الدينية عندما تتصدى للعمل السياسي وللسلطة وإدارة البلد.
"نقلاً عن صحيفة الأولى"