تتناثر السنون تباعاً , وينفرط عقد العمر حبةً كل عام, وتتطاير مع الهواء ورقة جديدة من وريقات العمر.. وهكذا تمضي أعمارنا في طريق أقدارنا عجلَى لا تلوي على شيء , إلى أن يحين موعد الرحيل وساعة الفراق.
نح على نفسك يا مسكين إن كنت تنوح
لتموتن وإن عمرت ما عمر نوح
فكم من محب غالٍ و صديق عزيز غاب عنا ورحل, ومن حياة إلى حياة انتقل, فهلا اتعظنا بما حصل, أو أن الأمر وقفة حداد قصيرة.. فاصل ثم نعود إلى ما كنا عليه, بل قد نزيد عليه قليلا..
كنا زمااااان حين نسمع أو نقرأ عن عام ألفين ميلادية نبتسم وترتسم على جوهنا علامات الاستغراب أو السخرية و الاستهزاء ؛ لأننا كنا نظن أن هذا العام لن يأتي.. فهاو هو قد أتى ومضى منه خمسة عشر عاما, والحياة كلها تمضي ونحن الذين نغادرها مرغمين في محطات مختلفة..
فهادم اللذات ومفرق الجماعات , يتربص بنا بين الثواني والدقائق والساعات؛ ليرسم نقطة كبيرة على سطر الحياة الأخير مهما امتد فيها عمر الإنسان .
لو عدنا قليلاً إلى الوراء متأملين الوجوه و الأسماء التي غابت عنا, وواراها الثرى, أكانت من الأهل والأصدقاء أم من الجيران والزملاء, لوجدناها بالعشرات بل بالمئات والآلاف ..
يا نفسُ قد أزفَ الرحيلُ * وأظلّكِ الخطبُ الجليلُ
فتأهبي يا نفسُ لا * يلعبْ بكِ الأملُ الطويلُ
فهلا اتعظنا بالموت وجعلنا من مطلع هذا العام الجديد 2015م محطة لمحاسبة النفس وتقييمها, وأن نخضع أنفسنا لجهاز التفتيش والرقابة, نحارب فيها الفساد والتقصير و الإهمال , ليس في أمور الدين وحدها ولكن في أمور الدنيا أيضا.. فالإنسان السوي المتكامل هو الذي يجمع بين شقي الحياة الفانية : الدين والدنيا.. فلنعمل لدنيانا كأننا خالدون في هذه الحياة.. و لنعمل لأخرانا كأننا ميتون غدا..
إِنّي أُعيذُكَ أَن يَميلَ * بِكَ الهَوى فيمَن يَميلُ
وَالمَوتُ آخرُ عِلـَةٍ * يعتَلُّها البَدَنُ العَليلُ
عام ميلادي جديد يطل علينا, ولنا أحلام كثيرة مؤجلة, ورثناها عن الآباء’ ويبدو أننا سنورّثها الأبناء, فالقدس يستغيث , وشعوبنا ترزح تحت ذل الفقر والهيمنة والاستعباد .. أحلام مؤجلة , لكن الموت لا يقبل التأجيل , والعمر وحده كلما زاد نقص, إلى أن ينزع الموت الورقة الأخيرة من روزنامة العمر..
وكل عام وأنتم بخير