وماذا بعد يا صنعاء؟

2014-12-18 13:40

 

وماذا بعد يا صنعاء؟ أولم تحسمي الأمر بعد؟.. وأي شقاء هذا الذي جناه على أنفسهم كل محبيك؟ أخبريني ياصنعاء عن القائل فيك:

 

بحثت عن هبة أحبوك يا وطني

فلم أجد لك إلا قلبي الدامي

 

ألم يسكب صاحب البيت السابق - رحمة الله عليه - روحه من أجلك؟ ألم يتجرع الزبيري كل مرارات النفي وحناظل المنافي والسجون من أجلك؟ ثم ماذا كانت مكافأتك له؟!.

 

أولم تصدقي يا صنعاء أن الذئاب والوحوش لا تعرف فلسفة توحشهم حدوداً ولا جغرافيا، وأن دم الزبيري والحريبي وماجد مرشد وجار الله عمر وأمان والخطيب وجدبان وشرف الدين والمتوكل عندهم سواء؟ أم أنه العمى والصمم قد أصابك وأصاب من كانوا على رأس عصابات القتل فتغاضوا عن هذه النار ولم يساهموا في إطفائها حتى امتدت ألسنتها إلى الجميع؟.

 

يا صنعاء أما آن لك أن تعيدي الحساب وتلتفتي جنوباً إلى عدن التي كان يتمنى الحكيم زايد بن سلطان في بداية عهده أن يصل بالإمارات إلى ما وصلت إليه عدن؟ أم أنك غير متيقنة أن ما يجري لك اليوم هو ثمن لنقض العهود، وجزاء اللعب بالنار.

 

يا عاصمة الكروم والبلس والتاريخ والحضارة ماذا فعل بك (المتوكل)؟، ومتى ستنجبين بديلا عن هذا الشيخ الوقور الذي لا يحمل غير القلم، وفي زمن عقمت فيه بغداد ودمشق وطرابلس وكل مدن البلاء العربية أن تلد غير الحرائق والدم والموت واليباب؟.

 

اسألي فرسانك يا صنعاء: هل كانوا على هذه الدرجة من الجُبن والضعف حتى يفعلوا تلك الفعلة القبيحة بمثل ذلك (العجوز) الذي كان سيسلم نفسه لهم؟ أم أن الحقيقة ومعارك الفكر، وصولات القلم أشد إيلاماً من رصاصات الغدر؟.

 

يا صنعاء: صعدة، والجوف، وعمران - وأنت ياسيدة الحسان - وإب ورداع صارت مدناً للرعب توزع الموت بالمجان، بل حتى تهامة وجبل رأس، هذه السهول والجبال المسالمة تندب حظها العاثر وكله جزاء لعبك بالنار.

 

يا صنعاء: أرجوك التفتي جنوباً وتذكري كيف ترك أبناء الجنوب الشرفاء الأهل والديار، وانطلقوا بعاطفة جياشة - حباً فيك - بلا روية يحملون الفل، وسمعت هتافاتهم الجوزاء ونجوم السماء، فغدرتِ بهم، وعاد أكثرهم ملفوفين في الأكفان.. فالتفتي إليهم وإلى ما بقي من اليتامى والثكالى والأرامل، واتعظي بما يجري لك اليوم، لأننا نخشى ألا تصدقي - وهي عادتك - إلا متأخرة، وعندها قد تطالبين أنت بفك الارتباط، فلا تدركينه، ولك السلام يا عاصمة الخراب!.

* الأيام