الــجرعــة التــي تجـرع مــرارتهــا الــجنــرال

2014-09-29 14:41

 

مما لا يختلف عليه اثنان أن الظلم إلى زوال، وأن ساعة بل لحظة من لحظات الشدة والضيق في الدنيا لا تساويها كل أيام الترف والنعيم والتجبر بالقوة والمال والسلطان ناهيك عن الآخرة.

 

عِبَرُ التاريخ كثيرة لا تحصى، والقرآن وسنن الأنبياء وما قيل عن الأمم قبلنا خير دليل، لكن هل يتعظ الظالمون؟ وهل يرتدع البغاة والمستبدون؟.

 

ما جرى في هذا البلد وفي صنعاء بالذات عقب إقرار (جرعة الموت) وما تلاها من أحداث دراماتيكية متسارعة ينبغي أن تكون دروساً ناصعة لمن يتولون أمور الناس ويقفون عندها طويلاً، وليراجع كل مسؤول ـ صغيراً كان أو كبيراً ـ نفسه ويحاسبها قبل أن تضيق به هذه الأرض، ولكم في (الجنرال العجوز) والملياردير (صاحب الكشك) عبرة وعظة.

 

تذكرتُ مقابلة لحميد الأحمر مع قناة (الجزيرة) وهو يرد على من كان يُجري معه اللقاء بعد أن سأله كيف ستعود إلى صنعاء؟ وهل أنت آمن على نفسك؟، ويقصد المذيع من نظام علي عبدالله صالح، فأجابه: إن من كان شيخه صادق وقبيلته حاشد لا يخاف. فقلت في نفسي: يا سبحان الله! تناسى هذا الطائش رب حاشد ورب صادق وأوكل الأمر للقبيلة وشيخها.

 

حق لكل مؤمن أن يطمئن لأن الظلم لا يدوم، ولنا أن نتساءل، بل ونوجه الأسئلة لجنرال الفرقة: هل دار في خلدك يوما أيها الجنرال (العجوز) أن الدنيا ستخذلك؟ وأن المليارات والعقارات والمدن والقصور التي تمتلكها من الحرام لن تفيدك؟، وهل تذكرت في لحظة الهجوم على فرقتك وأنصارك المنافقين الذين تركوك وتركتهم في ساعة الشدة أنك سحلت الناصريين وأبناء تعز وإب واليمن وسفكت دماءهم؟، هل تذكرت في اللحظة التي أصبحت صنعاء في نظرك ضيقة (كخرم الإبرة) أنك من ترسل فرق الموت إلى أبين وحضرموت، وأنك من قاد الدبابات والمدرعات لاحتلال الجنوب؟.

 

أيها الجنرال العجوز المذعور والهارب لا تحلل ولا يخدعنّك تفكيرك أن صنعاء تعرضت لخيانة وأن.. وأن.. وأن، بل عليك أن تتذكر أن الظلم إلى زوال، وأن الجزاء من جنس العمل، وأن سقوط صنعاء ربما يشابه سقوط عدن، مع فارق أن صنعاء لم تنهب، كما يجب عليك أن تتذكر وتذكر الملياردير (صاحب الكشك) أنه مثلما استبحتما كل شيء في عدن، ونقضتم كل المواثيق يتعامل الآن معكما خصومكما ويستخدمون مسابحكما وقصوركما، فلا تحزنا كثيراً، وهي سنن الله تجري في الأرض، وما الجرعة التي رحم الله بها (حكومة الدموع الهزيلة) إلا سبب لزوالكما ورحيلكما، لأن أرض اليمن وبحارها وجبالها ضاقت منكما.. فأذن الله بهذا الرحيل.

 

فتجرع أيها الجنرال أنت وهذا الملياردير الذي نسي وتناسى في لحظة غرور ربه وراح يحتمي بحاشد وصادق، تجرع أنت وهو من الكأس الذي جرعتموها الغلابى والمسحوقين، ولا تمنيا نفسيكما بالعودة القريبة، أو أن زمان التسلط والدجل سيعود، فالتاريخ لايرحم، فإلى مزبلته غير مأسوف عليكما أنتما وكل الظالمين!.

* الأيام