لن نختلف كثيراً على من اصطلحنا على تسميتهم بجيل الرواد .
وعلى حقهم الإنساني و الأخلاقي في تكريم يليق بهم و بقاماتهم السامقة , ويفي ببعض ما قدموه لنا و للأجيال اللاحقة ..
فهؤلاء الرواد هم الذين أضاؤوا بدمائهم مشاعل العلم والنور , ورووا بعرقهم مشاتل الحرف والكلمة .. وحملوهما إلى قرى وأرياف حضرموت كلها على أكتافهم و أقدامهم , وعلى ظهور الحمير قبل ظهور السيارات وانتشارها , أناروا بها قسم والسوم و صحراء ثمود والعبر والخشعة وقعوضة وخشامر و .... , وغرسوها في وادي دوعن بفرعيه و وادي حجر بقراه المتناثرة و ....
هؤلاء الرواد هم الذين أسسوا وبنوا لنهضة حضارية عريقة منذ منتصف القرن العشرين , يحاول بعضنا اليوم في القرن الحادي والعشرين خدش جمالها و هدم أركانها بطرق ووسائل شتى ..
فلا أحد ينكر دور أولئك الرواد , أو ينسى أفضالهم على حضرموت كلها دون استثناء , ولكننا نشجب ونستنكر الصمت الرسمي المطبق تجاه هؤلاء في تقديم تكريم يليق بهم وبأدوارهم ..
يبدأ التكريم في نظري بنقش أسمائهم بأحرف من نور في كتاب توثيقي يحوي نبذاً تعريفية عن حياتهم أو أعمالهم و أدوارهم أو غير ذلك .. وينتهي بالنظر إلى معاش هؤلاء التقاعدي, فهم يحصلون على أقل المعاشات على ما تقلدوه من مناصب أو عانوه من مشاق..
وبينهما نترك المجال للآخرين للإدلاء بدلوهم فيه, بما في ذلك : حقهم في الرعاية الصحية الكاملة .. أكان ذلك في المشافي الداخلية أم الخارجية , أي خارج البلاد ..
وإقامة الأندية والحدائق الخاصة بهم , أو أخذهم في رحلات سياحية, أو أفواج سنوية لأداء مناسك الحج والعمرة أو غير ذلك ..
هذا هو التكريم الذي يجب أن يناله هؤلاء الرواد .. و لا يعني ذلك تقليلاً فيما تقوم به عدد من الجهات المختلفة بين الفينة و الأخرى في تكريمهم , كان آخرها جمعية الإبداع والمسرح .. فكلها جهود يقدرها الجميع ؛ لأنها تسير في نفس الطريق , طريق الاعتراف بدور أولئك الرجال الأفذاذ, وتعريف الناشئة بهم , لتخليد ذكراهم و مآثرهم ..
ما قامت به جمعية الإبداع بغيل باوزير في الرابع من شهر ديسمبر الجاري, من تكريم ثلة من أولئك الرواد, و في مدرسة تاريخية , لهو إبداع في حد ذاته , و عملٌ عظيم يُخجل كثيراً من الجهات ذات العلاقة المباشرة , وحجرٌ يحرك المياه الراكدة نحو مجراها الصحيح , مجرى العرفان والوفاء .