هل أثرت فيكم دموع مآقي الناشطة زهراء صالح بعد أن عادت من رحلة العلاج إثر إصابتها؟.. عادت بكرسي متحرك لتقف أمام الحشد الجماهيري في ساحة الاعتصام بشموخ معبرة عن قدر ولائها وإخلاصها لهذا الشعب العملاق متأثرة بحجم الاستقبال وحميمية المشاعر تجاهها من قبل تلك الجموع البشرية الحاشدة.. جمهور طالما وقفت تلك المرأة المخلصة في كفاحها من أجل الحرية تؤازره وتشد عزيمته نحو تحقيق النصر وتخطي الصعوبات والعراقيل مهما كان نوعها.
إنها دموع تورق الأمل دون ريب.. وهل رأيتم أرامل شهدائنا وأمهاتهم وأطفالهم وهم يؤمون ساحة الاعتصام متجاوزين عذاباتهم وجراحاتهم مؤمنين بحق شعبهم في الكرامة والحرية؟.. هل تأثرتم وأنتم ترون أشلاء الضحايا ودماء أبناء الوطن النازفة منذ زمن على امتداد مساحة الوطن؟.
كثيرة هي الصور المؤثرة المعبرة التي تدل على صمود شعبنا الأسطوري في وجه الظلم والاستعباد.
انظروا إلى الحجم الهائل لصور شهدائنا الأبرار التي رفعت في مخيمات ساحة الاعتصام، استحضَروا كل ما كان من معاناة وقهر وبربرية ووحشية على مدى السنوات الماضية.. عندئذٍ يكون بمقدوركم التعبير عن إخلاصكم للوطن وقضيته من منظور نهر هذا العطاء الإنساني بكل ما فيه من الأصالة والسمو والجود بالنفس.
وحتى لا تستمر الإرباكات على الصعيد السياسي لدى القيادة فإن الأخذ بالمبادرات الهادفة ووحدة الصف ضرورة حتمية في هذه الأثناء، بل مهمة مقدسة تحقق التكامل الفعلي بين عطاء الشعب وقياداته ورموزه.
لقد نضجت عوامل كثيرة في هذا الاتجاه والشرط الأساسي والمنطقي لتقدم ثورتنا وتنظيم صفوفها، فمن غير اللائق والمنطقي أن يستمر الجدل البيزنطي بين صفوف هذه المكونات أو استمرار تشخيص الحالة إلى ما لا نهاية.
نحن بحاجة إلى فعل ثوري يعطي هذه الجماهير وهذا الاعتصام زخماً مباركاً ويطيح بمشاريع المراهنات التي تحيط بثورتنا، وليتم تجاوز أمور على صعيد الوطن والساحة بصفة خاصة نظراً لما ترسخ في الأذهان بحكم التعبئة الخاطئة وربما المدسوسة التي تحدد محطات زمنية بعدٍّ تنازلي لتحقيق النصر والاستقلال.. ووضع الثورة في مثل هذا المأزق لا يتصل بنفسنا الثوري ولا يعبر عنه.
فإذا كان الاعتصام قد نقل ثورتنا السلمية إلى محطات عطاء متقدمة وربما نوعية فإن المخاطر الناجمة عن بعض ما يروج له يمكن أن تخلق حالة انعكاسية حادة إذا لم ينبرِ الصفوة من السياسيين لوضع حدٍّ لكل ما يجري.. ولا سبيل أمامنا إلا المضي بصورة سريعة وفاعلة صوب وحدة الصف والحامل السياسي، لنكون أكثر قدرة على تنظيم هذا العطاء الشعبي نحو تحقيق غاياته المشروعة.
قرأنا الكثير من التصريحات وسمعنا العديد من الخطابات التي تشير إلى حجم القلق على ثورتنا، وتدعو لوحدة الصف، وكل هذا إنما يدل على روح وطنية مخلصة لدى كافة الأطياف.. بقي أن يتم تجسيد ذلك على صعيد الواقع الفعلي، فليس أمامنا المزيد من الوقت، ناهيك عن حساسية المرحلة الراهنة، فعمق مرحلة القيادة والرموز في هذه الثورة هو العطاء المخلص من أجل الشعب.