حكومة بحاح وعقبات أمام نجاحها

2014-11-16 05:25

 

 

من هي السلطة ومن هي المعارضة؟، طالما لا توجد اجابة واضحة لهذا السؤال سيستمر مسلسل حكومة باسندوة، بمعنى أن كل جهة ستُلقي بمسؤولية الفشل على الآخرين، ويضيع الشعب في الوسط، فوزراء الحكومة والأحزاب المُشاركة فيها سيلقون بفشلهم على أنصار الله وتدخلات اللجان الشعبية في عملهم، وأنصار الله سيلقون بالتهمة على الحكومة ووزرائها بحكم أنه لا يوجد لديهم حتى وزير واحد، اضافة الى أن استمرار الفساد والخلل الأمني يبرر -من وجهة نظرهم- كل ما تقوم به اللجان الشعبية.

 

عندما لا توجد جهة ما محددة وواضحة تتولى السلطة وبالتالي تتحمل المسؤولية سيستمر ضياع البلد بين الاتهامات والاتهامات المضادة، وعلينا توقع أزمة خانقة في المشتقات النفطة خلال أسابيع ان لم يكن اسبوع واحد من الآن، اضافة الى عجز عن دفع المرتبات خلال بضعة أشهر.

 

لست متشائم لكني أقرأ الواقع -على الأقل من وجهة نظري- وشواهد الحال ستثبت خلال الأيام والأسابيع والأشهر القادمة مدى صحة ما أطرحه من عدمه.

 

لا أدعوا الى أن تستفرد قوة سياسية لوحدها بالسلطة خصوصاً في هذه المرحلة الانتقالية، ومؤمن بما ورد في اتفاق السلم والشراكة، لكن يجب أن تكون القوى التي تُشارك في الحكومة مؤتلفة على برنامج واضح، وتعترف أنها مشاركة في السلطة لكي يتحمل الجميع المسؤولية.

 

هذه التوليفة الحكومية لا مرجعية لها ولا قوة سياسية تتحمل مسؤوليتها ولا يوجد حتى تحالف حاكم من عدة قوى سياسية يديرها، فالجميع يعلن بطريقة أو بأخرى تبرأه منها، فالمؤتمر خرج منها، وأنصار الله "الحوثيين" ليسوا شركاء فيها، والمشترك لم يعترف بأنه الفاعل الأكبر في حكومة باسندوة وكان يتبرأ من كل مساوئها وسيكون تبرأه مبرراً أكثر مع الحكومة الحالية.

 

أشفق على رئيس الوزراء الجديد، وعلى الوزراء الجدد الذين دخل أكثرهم بنية حقيقية للإصلاح، لكن الواقع سيصدمهم الواحد بعد الآخر وأتوقع استقالة رئيس الوزراء وأغلب الوزراء خلال أشهر قليلة من الآن.

 

كان الأجدر برئيس الحكومة –المعني الأول بنجاحها- أن يصر على اشراك حزب المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله "الحوثيين" –عبر شخصيات محسوبة وبوضوح عليهم- في الحكومة، لكي يتحملوا المسؤولية أيضاً، فالقوى السياسية التي تساهم في الحكومة وعلى رأسها أحزاب المشترك وجناح الرئيس هادي وبعض المحسوبين على رئيس الوزراء خالد بحاح لا يمتلكون أدوات إنجاح الحكومة على الأرض، وقد عجزوا وبالأخص المشترك والرئيس عن إنجاح حكومة باسندوة مع أن الأدوات التي كانت تحت أيديهم في عهد الحكومة السابقة أكثر من ناحية الكم وأهم من ناحية النوع، وقد سقطت أغلب تلك الأدوات في 21 سبتمبر الماضي.

 

إضافة الى أن ازدواج الصلاحيات بين رئاسة الدولة ورئاسة الوزراء ستشكل العائق الأبرز أمام عمل الحكومة إضافة الى الصراع على المسؤولية الأمنية والعسكرية في العاصمة صنعاء بين اللجان الشعبية والأجهزة الأمنية الرسمية، ومن هنا كان يفترض أن تمنح صلاحيات واضحة للحكومة ولرئيس وزراءها بشكل خاص في إدارة البلد ليكون قادراً على تحمل المسؤولية.

 

يجب على رئيس الوزراء أن يصارح رئيس الجمهورية وأنصار الله "الحوثيين" من الآن ويقول لهم إما أن تمنح لي صلاحيات واضحة في إدارة البلد وبالأخص في الملف المالي والأمني والعسكري بحيث يُرفع قلم الرئيس عن الشؤون المالية، ويرفع قلم أنصار الله عن الشؤون الأمنية والعسكرية في أمانة العاصمة وفقاُ لاتفاق تدريجي بينهم وبين الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والعسكرية الرسمية يؤدي الى وقف مسلسل الجرائم وعلى رأسها جرائم الاغتيالات، واما أن يتحمل الرئيس وأنصار الله المسؤولية وبوضوح ويسموا هم رئيس الوزراء والحكومة.

 

كانت المعادلة الرباعية السابقة لتشكيل الحكومة –مؤتمر/ مشترك/ حراك الرئيس هادي/ انصار الله- أفضل بكثير من الصيغة الحالية، فعلى الأقل هناك وضوح في القوى التي تشارك في السلطة وبالتالي سيكون هناك وضوح في الجهات التي تتحمل مسؤولية أي فشل.

 

بعض القوى السياسية افسدت تلك المعادلة الرباعية بعضها بحسن نية وبعضها عن سوء نية، وأدى اسقاط تلك المعادلة الى انتاج معادلة الحكومة الحالية التي لم تعلن أي جهة حتى الأن المسؤولية عنها، وسيسارع الجميع الى التبرؤ منها في أول أزمة.

 

هناك أمل كبير في رئيس الوزراء وبعض الوزراء الأكفاء، ويظهر أن لديهم نيات حقيقية لإحداث إصلاحات، لكن ازدواج الصلاحيات في الملف المالي والملف الأمني والملف العسكري والذي أوضحته اعلى هذا، إضافة الى عدم وجود قوى سياسية ذات ثقل تتبنى الحكومة وتُعنى بإنجاحها سيشكل عائقاً أمامهم.

 

علي البخيتي [email protected]