إن المتأمل لما يجري اليوم على أرض الواقع في حضرموت يصاب بالصدمة لعدم قبول العقل منطقيا ما يجري عليها ومواقف كل أطياف سكانها الذين يعنيهم بل يمسهم سلبا وإيجابا ما يجري عليها ...!!
التاريخ في حضرموت منذ أمد صودر كما صودرت حضرموت بقضها وقضيها على مراحل تاريخها الوسيط والمعاصر وشهدت فتراته حينها موجات من التغريب حدا بلغ فيه تاريخ حضرموت في حكم المفقود وهو عند المؤرخين بات متعارف عليه بندرة مصادره حتى سرت المقولة المشهورة (ان الاخلاف وجدوا في سيرة الاسلاف ما ينكرونه عليهم اليوم ، فعمدوا الى اخفائها و افنائها) وهو ما يثير جملة من الأسئلة حول غياب المصادر وأهداف إخفائها ..!!
المرحلة التي تمر بها حضرموت اليوم في تاريخها المعاصر هي حصاد أخطاء تراكمية لمراحل مضت ربما ساهمت فيها العديد من القوى داخليا وخارجيا في التأثير السلبي عليها ووصولها الى هذه المرحلة التي نرى فيها الحضرمي يعيش حالة اغتراب داخلي فضلا عن هاجس الاغتراب الخارجي الذي يحتوي كل تفكيره وهمه الشاغل ..!!
منذ عهد الصراعات المذهبية على أرضه وموجاتها المتعاقبة جاءت فكرة ( كسر السيف ) ابتداعا خارجيا ليؤسس مرحلة القبول بالواقع والارتهان له مهما كان مرا الأمر الذي أسس لثقافة الخنوع والاستسلام بغض النظر عن نوايا من أشاع وأسس هذه الفكرة بمطلقها مما خلق عند العامة فضلا عن الخاصة حالة من الانهزام الداخلي ..!!
إذن لابد من التمييز بين الدعوة للسلام والجنوح له على قاعدة (كسر السيف) وبين النهوض والثورة على الظلم ورفض تكريسه كواقع مفروض بالقوة وهو مدعاة للتأمل بين النظرة الإيجابية والسلبية من هذه الدعوة حيث لايمكننا بالمطلق أن نضيع بين الإفراط والتفريط في القيمة الأخلاقية المنطلقة من سلوك ديني إيماني يذهب معه المرء في التعامل مع تبدلات الحياة وتقلباتها وفق معطى فقه الواقع ..!!
إن تبدلات الأحوال وتقلبات الازمنة فرضت نوعا آخرا موازيا أو متماهيا مع قاعدة ( كسر السيف ) بمفهومها السلبي حيث نرى تجليات قاعدة جديدة تتبلور واقعا تتجسد عنوان ( كسر القلم ) وهي ما نرى تباشيرها تطبق علينا في ظاهرة الصمت المريب لحملة الأقلام من ذوي القدرات والكفاءات في حضرموت وكأن بها آمنت بفكرة (كسر) كل شي يحمل النصرة لقضاياهم غير آبهين بتأثيرات ذلك على واقعهم ولا مدركين لخطورته على انفسهم ومجتمعهم الأمر الذي ينبغي معه الى ثورة معرفية ودينية وأخلاقية مفاهيمية للخروج من دائرة (الكسر) بكل معانيها نفسيا ...!!
حضرموت اليوم يا قوم وما يجري بها له من الخطورة بمكان أن تشحذ له الهمم عند كل أفراده ونخرج من دائرة السلبية المفرطة في النظرة لكل ما يحدث لنا وحوالينا واستبصار سبل النجاة من كل هذه الغثائية التي نكون نحن سببا فيها بسكوتنا عن قول الحق وفعل التغيير والرفض للاستكانة مهما كانت دوافعها وجهات فرضها علينا دونها لن تقوم لنا قائمة واذا قبلنا في مرحلة ما لها خصوصياتها ودوافعها التي قد نتفق او نختلف معها كليا أو جزئيا فلا يمكننا أن نستسلم في لحظات انهزام نفسي الى تكريس قاعدة جديدة علينا تحت عنوان ( كسر القلم ) فالمعركة المعرفية هي أم المعارك في أتون ما يعتمل من أحداث تفرض علينا وتحاول جاهدة في إبقائنا متخلفين عن الركب وهي مدركة ومستوعبة خصوصية الحضرمي وقدراته لاستيعاب المعرفة فهل ندرك خطورة المرحلة وما يجري في مدارسنا وجامعاتنا ودور المعرفة ..!!
إنها دعوة لإعادة تموضعنا من جديد وتحقيق توازننا للحصول على حقوقنا وبناء مجتمعنا القائم على أخلاقيات ديننا وقيمنا الحضارية التي تميزنا بها منذ أمد بعيد وفقدناها اليوم ...!!