التعليم في كل بلاد الدنيا يمثل حجر الأساس للمستقبل كله.. فقد قالوا: إن أردت أن تزرع لسنة فازرع قمحاً, وإن أردت أن تزرع لعشر سنين فازرع شجراً, وإن أردت أن تزرع لمئة سنة فازرع رجالاً...
وزراعة الرجال لا تتم إلا بالتعليم وفي المدارس, وأنتم أيها المعلمون الغارسون و الزارعون؛ فيجني المجتمع كله – بفضلكم - ثمار جيل كامل, ويحصد محصول سنوات طوال من السهر والتعب, بين طبيب ومهندس ومعلم ومحام و........ هم عماد المستقبل كله.
فما حال التعليم اليوم؟ هل يخوّل لنا أن ننعم بمحاصيل وفيرة, وثمار طيبة, وفواكه صحية نظيفة؟؟؟ أو أن هذه الكثرة في عدد التلاميذ والطلاب والمدارس والمعاهد والجامعات ما هي إلا غثاء لا تغني ولا تسمن شيئاً؟؟؟ أيحق لنا أن نفخر بما يحققه أبناؤنا من نسب خرافية, أم علينا أن نخجل من أنفسنا ومما يصحب امتحانات الشهادة العامة من غش بلغ حد الوقاحة وقلة الأدب؟؟؟
الجواب قطعا بالنفي, فحال التعليم ينذر بمستقبل مخيف مرعب.. وإن أردنا أن نزرع الرجال, لينيروا لنا دروب المستقبل, فلن يكون ذلك بالدورات والورش وحدها... وإنما :
أولاً: مناهج التعليم التي ضربت الرقم القياسي في عدد المؤلفين والمراجعين و...فهذه الكثرة أفسدت المناهج بالحشو والتكرار والتناقض والأخطاء العلمية .. حبذا لو أن كل محافظة تعد مناهجها بما يناسب أبناءها, خاصة الصفوف الدنيا.
وثانياً: إلغاء السلم التعليمي الحالي, والعودة إلى السلم التعليمي القديم, إما التعليم المتوسط ليكون الابتدائي أربع سنوات والثانوي مثله, وإما التعليم الإعدادي, فيكون الابتدائي ست سنوات والثانوي ثلاث..
ثالثاً: إلغاء امتحان الشهادتين الأساسية والثانوية, و يكون اختبارهما مثله كمثل اختبارات النقل , تجريان داخل المدارس.. و يتوقف دخول كليات الجامعة بعد ذلك على سياسة الجامعة وشروطها وامتحانات القبول فيها ..
بهذا نكون قد هذبنا مناهجنا, وأبعدنا التلاميذ الصغار من الاحتكاك بالطلاب الكبار والتأثير عليهم, وقضينا على آفة الغش التي تؤرق المجتمع وتحطم آماله في جيله وبناة مستقبله, وقضينا أيضاً على بعبع الشهادتين اللتين تقض مضاجع الأسر, وترى فيهما عقبة مخيفة تعترض طريق أبنائها, لا بد من تجاوزها بشتى السبل, ولو كان بالغش..
وبهذا أيضاً نكون قد وفرنا المليارات التي تنفق على هاتين الشهادتين, بدءاً من إعداد الأسئلة وطباعتها و لجان المراقبة ولجان التصحيح والرصد وغيرها من التوابع والذيول التي يعرف القاصي قبل الداني أنها تنفق هدرا وهباء كتلك التي تنفق على الدورات والورش, فملايين الدولارات التي أُنفقت على استراتيجية التعليم الأساسي لم تغير شيئاً فيه غير طريقة تحضير المعلمين كتابياً..
وإلا فالخطر الذي يهدد المستقبل قادم.. وأن نشعل شمعة واحدة في طريق التعليم خير لنا من أن نلعن الظلام ..
اللهم إني بلغت.. اللهم فاشهد.