مضت أشهرٌ طوال وليالٍ ثقال, والقوة العسكرية التابعة للجيش تجثم على صدر مدينة غيل باوزير.. أكثر من ستة أشهر وهي تحتل قلب المدينة و تسيطر على مركز شرطتها التي ترتبط أصلاً بحياة المواطنين المدنية ومشاكلهم الاجتماعية..
أسوأ ليلة في هذه الليالي الثقال هي ليلة وصولهم مركز الشرطة, كان ذاك وقت صلاة المغرب, فتحوا نيران دباباتهم و دوشكاتهم في سماء المدينة, إعلاناً وإخباراً عن وصولهم, أو تحية استفزازية منفرة لمدينة وادعة..
وكأنهم لم يأتوا لحمايتها من تنظيم القاعدة كما يقولون, أو إلقاء القبض على عناصره كما يزعمون..وإنما أتوا لإذلال المدينة, وتأديب أهلها المسالمين, أو خلق الذعر والرعب في صفوفهم.. ثم هل حمت الجيوش والنقاط والمعسكرات مدينة سيئون أو المكلا؟! سؤال ليس إلا...
بعد ذلك اعتاد الناس على أصوات البنادق والمدافع, وإن مر يوم من غير......., ما ينحسبش من عمري!!!!!! فهم يطلقون النار قبل الأكل وبعده, بمناسبة أو بغير, بل تنام المدينة كلها ليالي مخيفة مرعبة, بحجة هجوم القاعدة على مركز الشرطة, دون أي تحقيق فيما يحدث أو تعويض للمواطنين المتضررين.. فهم يردون على الطلقة الواحدة ( إن صحت روايتهم ) بمئات الطلقات يوزعونها على أحياء المدينة كلها..
كان آخر تلك الليالي مساء التاسع والعشرين من رمضان الموافق 26/7/2014م, حين كان الرجال والنساء في المساجد يؤدون صلاة القيام... وحين نصحو في الصباح لا نسمع عن قتلى أو جرحى, ولا نرى أضراراً تعادل جزءاً من تلك المعارك الليلية, بل نرى الأضرار ماثلة على ممتلكات المواطنين وبيوتهم و مؤسساتهم..
فالنادي الأهلي أغلق أبوابه وملاعبه وصالاته وكل مافيه أمام مرتاديه ولاعبيه, مؤسسة الكهرباء انتقلت إلى مكان بعيد ناءٍ, عدد من المطاعم والورش والمحلات التجارية الواقعة في هذه المنطقة أغلقت أو انتقلت, وعدد من المساجد والمنازل والسيارات تضررت وإلى داخلها القذائف وصلت.. الطريق الدائري, شريان المدينة الرئيسي بمعابره الثلاثة, تُفتح متى شاؤوا ومتى شاؤوا أغلقت..كل هذا والسلطة المحلية غائبة, أو مغيبة أو غير قادرة.. لا ندري!!
ومضت الأشهر ثقالاً, والليالي طوالاً, والمهمة التي جاؤوا من أجلها مازالت في خبر كان وتلقي على المدينة ظلالا, بل يبدو الأمر الآن, كأن على المدينة وأهلها حماية مركز الشرطة وعسكرها, وإلا ما معنى إغلاق هذه المعابر المؤدية إلى الشرطة الواقعة على الطريق الدائري وترك المدينة عرضة لأي شيء, هي خطة عظيمة محكمة للتحصين تشبه تحصينات المدن قديما بالأسوار والخنادق, لكن جدواها وفاعليتها انتهت بعد ظهور المنجنيق مباشرة.. لهذا افتحوا المعابر وأغلقوا منافذ ( مداخل ) المدينة الثلاثة ليلاً بثلاث نقاط جادة, إن أردتم حماية المدينة والمديرية وأهلها, لا أنفسكم ومركز الشرطة. أما في النهار فليكن مركزكم الدائم على أحد تلك المداخل, و في مكان يكون بعيدا عن البيوت السكنية؛ فهذه ثكنة من ثكنات الجيش, والجيش مواقعه معروفة, ومهامه أيضاً, ولا يجهلهما أحد..
أما إغلاق المعابر بالطريقة هذه فقد تمنع عنهم السيارات المفخخة , لكنها لن تمنع القذائف والصواريخ المتفجرة, بل ستعيق حركتهم لو أرادوا المطاردة والملاحقة, وسيفر الجناة قبل فتح المعابر.. لهذا افتحوا المعابر..