لا يختلف اثنان على أن الوضع الاقتصادي للبلاد لا يسر عدواً و لا حبيبا..
ولكن, هل حله وإنعاشه عن طريق هذه الجرعة القاتلة ورفع أسعار المشتقات
النفطية, ثم إغراق العباد في أتون الغلاء وجحيمه؟؟
ألم يأتِ هذا الوضع الاقتصادي الهش بعد سيل من الجرعات المشابهة – منذ
التسعينيات - التي تهدف كلها مجتمعة إلى تحسين الاقتصاد و انتشاله ؟؟؟
فكيف يصر الأطباء المعالجون على حقن الاقتصاد بالجرعة تلو الجرعة دون أي
تحسن يذكر, بل يستفحل الداء, و تسوء الحالة وتتدهور الصحة... وبشهادة
الجميع؟؟؟؟
إذن هذه الجرعات ليست علاجاً ناجعاً, بل مهمتها – أي الجرعات - توفير
الأموال للناهبين, أو تعويض جزء مما يُنهب أو يسرق من خزائن الدولة,
وكأنها عقاب جماعي للمواطنين, وليس للمهربين أو المتنفذين أو.. هذه
الجرعات تبين عدم الجدية في انتشال الأوضاع السيئة ورفع مستوى معيشة
الناس.. لأن الداء معروف والعلة واضحة, فمثل الدولة هنا كمن يحارب في
مكان وعدوه في مكان آخر.. هذا يستنزف كل ما عنده, بينما عدوه يزداد قوة
وثراء..
قد تكون الجرعة آخر العلاج, أي بعد علاجات تسبقها, و إجراءات تنفذها
الحكومة ويخضع لها الصغير والكبير.. فلو أنهت هذه الجرعة مسألة تهريب
الديزل, فهل ستنهي نهب مئات الملايين شهرياً تحت مظلة الوظائف الوهمية في
القطاعين المدني والعسكري؟؟ هل ستوقف الإنفاق الحكومي المخيف والثراء
الفاحش؟؟ هل ستفك رموز النفط والغاز والذهب؟ هل ستحاسب اللصوص والفسدة و المهربين ؟؟ هل ..وهلـ........ أو أن الأمر جرعة تتبعها جرعة, ويبقى الوضع على ما هو عليه, وما على المواطن – المتضرر الوحيد – إلا ضرب رأسه في الجدار...
ثم من هذا الذي يهرب في ظل وجود معسكرات الجيش ونقاط العسكر وخفر السواحل في كل مكان إلا أن يكون جنياً لديه القدرة على التخفي , أو أن يكون متنفذاً لديه قدرة على العبور واختراق نقاط العسكر و معسكراتهم؟؟!!
وبالمقابل الدولة وغرفها التجارية جرعة تطمئن المواطن – مع كل الجرعات - بعدم ارتفاع أسعار البضائع و السلع... لكن المواطن يعرف أن هذا امتصاص لغضب الشارع لا غير, وأن الارتفاعات سوف تنهال على رأسه كل يوم ..
و أول تراجع للدولة أو نكوص عن عهدها أسعار الزيادة في أجور المواصلات
التي حددتها بـ 20% , بينما الواقع عكس ذلك .
لهذا إن لم يكن لدى الدولة إجراءات حقيقية حاسمة وسريعة , ويد من حديد,
لا من عصيد.. ستصاب البلاد بالإدمان, و ستحتاج للجرعة كل عام.. كان الله
في عون المواطن....