مات الضمير ام ماتت الانسانية او ماتوا معا في نفوس أولئك الذين قاموا بذبح الجنود يوم امس في حضرموت من أعناقهم ، ما هي الرسالة التي أراد هؤلاء إيصالها ولمن عندما قاموا وبتلك الطريقة البشعة في ذبح الجنود ..
هل يعقل أن يصل اليمني الى هذا الحد من الغل والكراهية والحقد تجعله يذبح مسلما وبالمنشار مهما كانت المبررات .. لا يعقل ان يقتل الانسان بسبب مذهبه .. لا يعقل ان يقتل بسبب هويته .. لا يعقل ان يقتل الانسان ويذبح كالشاة للاختلاف السياسي او المذهبي او العرقي او سمه ما شئت .
بث الصور بالطريقة التي تمت امس والرواية التي نشرت لأحد ركاب الباص أصابتني بالغثيان , ان يصل جنون البشر الى هذا الحد من الانحلال الإنساني والتفسخ الاخلاقي والوازع الديني والتجرد من كل قيم ديننا الاسلامي الحنيف الذي حرم القتل وما بال بمن قام بالتمثيل وذبح إنسان والتلذذ بما قاموا به وتصوير الرأس بعد فصله من الجسد .. ان المنظر لا يسيء فقط الى ديننا الاسلامي الحنيف القائم على المودة والرحمة ، بل يسيء الى آدميتنا كيمنيين ان نصل الى هذا الحد من البشاعة ونحن من قال عنا النبي صلى الله عليه وسلم: (أتاكم أهل اليمن، هم أرق أفئدة وألين قلوبا، الإيمان يمان والحكمة يمانية، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم).. أين هؤلاء من حديث الرسول عليه الصلاة والسلام ..
لا أستطيع ان أقول اكثر من ان استخدام الدين لتبرير القتل هو قتل لانسانيتنا وقتل لضمائرنا وإرهاب لعقولنا ، اما ان نقبل منطق الذبح وتبريره بانه دفاعا عن الاسلام الذي يحرم شرعا القتل ، او اننا غير مسلمين والعياد بالله كما يريد هؤلاء ان يقنعنا بممارساتهم البشعة هذه.
هذه الصور والقادم منها وببشاعة أفظع تريد تؤكد ان كل ما يجري في اليمن غامض ، وان الأمور قد اختلطت بين ممارسات هؤلاء الإرهابيين باسم الدين في الجنوب والإرهابيين باسم السياسة والدين في صنعاء ..
اختلطت الأوراق فصار الدم أرخص من الماء ، وذبح الناس اسهل من ذبح المواشي .. اختلطت الأوراق حتى على القتلة منهم من يقتلك برصاص باسم انصار الشريعة وآخرين يركبون درجات هوائية لاقتناص الأرواح باسم المجاهدين ومنهم من ينحرون الناس بالجملة باسم القاعدة .. اختلطت الأوراق على الإرهابيين فلم يعد غير المسلم هدفهم كما برروا قتلهم للأجانب في السابق حتى تركوا البلاد وهاجر السياح وامتنعت الشركات عن الاستثمار بحجة خطر الإرهاب في اليمن .. اختلطت الأمور فصار الإرهاب ينفد من مسلم على مسلم ، وذبح مسلم بيد مسلم ونسف رأس مسلم برصاص مسلم .. هذه الرسالة يجب الوقوف أمامها بمسؤولية لماذا صار القتل بهذه السهولة وهذه البشاعة وهذا الحقد في اليمن ، أين رجال الدين والعلماء والفقهاء ولماذا صمتوا على ما يشوه ديننا وصورتنا كبشر اولا وكيمنيين ثانيا ؟ .. أين الساسة وأحزابهم المهلبية الاسلامية والقومية والبعثية والناصرية والاشتراكية من كل ما يجري ؟ ..
ما يجري اليوم في اليمن لا علاقة له بالدين او المذهب ، انها بداية الانهيار اذا صمت الكل سلطة وساسة وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني وعلماء ورجال دين ولم يقولوا كلمتهم وبمسؤولية ولو مرة واحدة ينتصروا لادميتنا لانها لو انتهت انتهينا كشعب وسيصبح القتل في الشوارع والخوف يلف كل بيت .