الغرور الذي ارتد على صاحبه
عبدالله احمد السياري
احد الأمور المحورية بل هو جوهر المبادرة الخليجية هو الحوار الوطني المقترح بل ان نجاح المبادرة من عدمه يرتبط عضويا بوقوع هذا لحوار الوطني المزمع ومن ثم بنجاحه.
هكذا أراد وخطط مخرجوا تلك المبادرة وكانوا بذلك فرحين مستبشرين .
و لنذكر ان المبادرة الخليجية كانت نتاج لما أراده المتحاورون بمن فيهم فرقاء الجمهورية العربية اليمنية والذي أفضى إلى اقتراح مبدأ الحوار الوطني وهم علي صالح ومؤتمره من ناحية وحزب الإصلاح ولقاءه المشترك من ناحية أخرى . ولنذكر ان قواعد وزعامات وتوجهات تلك الكتل أكانت من المؤتمر أو الإصلاح أو الاشتراكي اغلبهم من الشمال بما في ذلك الحزب الاشتراكي الذي يكٌون الشماليون 80% من أعضائه.
الهدف من الحوار حسب رؤى دول المنطقة والعالم هو استقرار اليمن ومحو وجع الرأس المزمن الذي تسببه هذه البلد لاستقرار وامن المنطقة ولعالم.
إلا ان الهدف من الحوار حسب أحزاب صنعاء المشاركة في إقرار الحوار (ضمن المبادرة الخليجية) هو ان يفضي هذا الحوار إلى تقاسم السلطة بينهم والهيمنة على البلاد والعباد بعد إدخال بعض الإصلاحات هنا وهناك طالما أنها لن تحرمهم من شقف الكيكه التي ستؤول إليهم نتيجة هذا الحوار المزعوم.
وضمن رؤاهم المبيتة للهيمنة على موارد الجنوب الغنية هو إخماد إي أمل للجنوبيين في الاستقلال .
وبناء على ذلك لم يعيروا أراء الجنوبيين إي اهتمام فلم تذكر المبادرة الجنوب وحراكه بل أنها دعمت الوحدة دون تردد أو سؤال.
وقررت ان إي حوار لا بد له ان يتم تحت إطار الوحدة ..
وبما ان الأمر كذلك وبما ان الذين اقترحوا الحوار رأو فيه الحل المرضي بالنسبة لهم ونتائجه في تقسيم الكيكه غايتهم فقد قاموا بالترويج له (الحوار) والتماس العظمة له وتهويل أهميته وتاريخية مخرجاته وكأنهم وقد انتابهم غرور شديد أعمى بصيرتهم فاقنعوا أنفسهم بان حوارهم هذا سيتم دون عراقيل ويفضي إلى مبتغاهم في تقسيم السلطة بينهم وهم قد ضمنوا ان لن تكون ما كان يسمى بالثورة الشبابية ( لأسباب سأعود إليها لاحقاً) عائقا لهم لتحقيق ذلك.
وفي غرورهم هذا نسوا عنصر غاية في الأهمية عصي عليهم ان يلتفوا حوله أو يطمسوه وذلك هو تصميم الجنوبيين العرب للوصول إلى استقلالهم أو انهم قزّموا واحقروا هذا التصميم فلم يروا فيه عائقا لحوارهم..
هذا الاحتقار للجنوب نراه بصيغ ومواقف أخرى مختلفة تجاه الجنوبيين كإصدار فتاوى ضدهم لم ينزل الله بها من سلطان أو بوصفهم بأنهم في حاجه إلى تحسن في أخلاقهم وفي دينهم او باقوال تهددهم بالويل والثبور وعظائم الأمور بل بالموت ان هم أصروا على السعي للاستقلال وما دام هذا ديدنهم فلا يستغربن احد ان هم أهملوا ذكر مطالب الجنوبيين في ديباجه الحوار ومقدماته.
إذا فهم باستخفافهم بالحراك وغرورهم المركب أصروا وبينوا ان الحوار هو المدخل والمخرج لمشاكل اليمن وربطوا نجاح الحوار بنجاح المبادرة وتقسيم الكيكه دون الحاجة –حسب نظرهم-للأخذ في الاعتبار رأي الجنوبيين والاستماع إليهم..
إلا ان السحر انقلب على الساحر وارتد الغرور على مرتكبيه لان الجنوبيين قالوا لا للحوار إلا إذا كان حوارا يفضي إلى استقلال الجنوب وفي وقت قريب.
وكأني بالجنوبيين العرب يقولون " ان حوار كهذا الذي اصبغتوا عليه كل هذه الهالة من الأهمية والقدسية وجعلتوا منه الفاصل بين الاستقرار والحرب الأهلية لن يحدث تحت إيقاعات موسيقاكم بل تحت إيقاعات مطالبنا" إي ان يكون حوار بين دولتين – دوله الجنوب ودوله الجمهورية العربية اليمنية
ومن دلالات نجاح الحراك الجنوبي في استعمال نشوة حكام صنعاء بحوارهم لصالحه وارتداد السحر على الساحر هي التنازلات المتكررة التي اضطر حكام صنعاء للقيام بها وإرباكهم وإظهار تباينهم واختلافاتهم حول الحلول ومنها ما يلي
1. التأخير المتتالي لتوقيت هذا الحوار منذ أكثر من شهرين ولا نرى موعدا في الأفق لعقده.
2. القبول المبدئي لان يكٌون الجنوبيون 50 % من المحاورين (مع العلم ان هذه خدعه لن تنطلي على الجنوبيين )
3. ظهور مجموعه أخرى تخوف من إعطاء الجنوبيين 50% بل ترى فيه مقدمة "للانفصال"
4.قبولهم وان على مضض على الاعتذار للجنوبيين على حرب 1994 المحاورين ( مع العلم ان هذه خدعه لن تنطلي على الجنوبيين )
5. محاولتهم جر الجنوبيين جرا للدخول في الحوار دونما نجاح سوى جر القلة القليلة بل ان جر هولاء إلى الحوار أتى بنتيجة عكسية إذ اثبت ان المجرورين ليسوا ذو مكانه واعتبار لدي الجنوبيين الذين يرون في من يشارك من الجنوبيين في الحوار جزء من مؤامرة للالتفاف حول مطالب الجنوبيين ودفن هويتهم
6. اضطرار ودفع بعض من القادة الجنوبيين إلى رفع سقف مطالبهم إلى الاستقلال وبذا يلحقون بركب الغالبية من الجنوبيين التواقين إلى الاستقلال
بقي ان نسأل سؤالين
1. هل يستطيع الجنوبيون في السلطة الانقضاض على الحراك الجنوبي العربي وتفريغه من محتواه كما فعلت أحزاب السلطة في صنعاء مع"ثوره الشباب؟
والجواب ان هذا لن يحصل أبدا - لفروق واضحة وتباينات جليه بين الوضعين – الحراك الجنوبي العربي من ناحية وما يسمى ب"ثوره الشباب" من ناحية أخرى جعلهما على طرفي نقيض عن بعضهما في ديناميكيتهما وتطورهما وحركيتهما على الأرض -هذا بالإضافة إلى حقيقة ان من يملك خيوط اللعبة في المحصلة الأخيرة مختلف جدا بين الأمرين.
يخيل إلي- وأقول هذا أسفا – ان "ثوره الشباب" سيرت واستًغلت من بدايتها ولم تختُطف لاحقا.
الثورة الشبابية - في حقيقة الأمر وُجهت على نطاق واسع (ولو من وراء حجاب) من قبل اللقاء لمشترك وتحديدا حزب الإصلاح فهم استغلوا دماء الشباب للوصول الى ماربهم وتلك هي هزيمة وخلع علي عبدالله صالح والاستيلاء على السلطة أو بعضها هذه كانت خطتهم منذ البداية بينما الشباب الطيب الشجاع يستشهد في الشوارع أو بمعنى أخر هم كانوا احد محركي الثورة من الخلف واستعملوا في ذلك المال والموارد التي يملكونها ومن ذلك قناة سهيل ومنابر المساجد والمال الطائل الذي بأيديهم.
المؤسف ان الشباب عند اكتشافهم لذلك لم يستمروا في الثورة من اجل صد مارب اللقاء المشترك وحزب الصلاح تحديدا وفشلهم هذا ه دلاله أخرى أنهم كانوا مسيرين دون علمهم.
هذا أبدا لم يحصل ولن يحصل في حراك الجنوب العربي لأنه لم يلق إلا التجاهل من الجنوبيين في السلطة على أحسن تقدير والتعنت والمعاداة في حقيقة الأمر.
وهم – اعني الجنوبيين في السلطة - لم يحركوا ولن يحركوا الحراك لا من الأمام ولا من وراء حجاب وهم لا يملكون إي خيوط يستطيعون تحريكها لتسيير أو للضغط على شباب الحراك.
ثم لاننسى ان شباب الحراك يصعب تليينهم من قبل من يحسبون أنفسهم قادة له فما بالك من هم في حقيقة الأمر يمثلون الطرف الأخر.
نعم تستطيع السلطة ان تغري بعض الجنوبيين على ركوب موجه الحوار وما نتيجة ذلك إلا أنها ستحرق أوراق هولاء - ان كان لهم أوراق أصلا - ونرى فعلا أنهم لم يستطيعوا تجنيد او استئجار إلا ثلة دون فاعليه أو تأثير لا يمثلون إلا أنفسهم وتجمعات لا يزيد عدد أعضائها عن أصابع الأيادي
2. من ينبغي ن يمثل الجنوبيين العرب في حاله حصول الجنوبيين على اعتراف دوليا لاستحقاقهم للاستقلال - حوار جدي وذو نديه بين الجنوب العربي والجمهورية العربية اليمنية ؟
وسأعود إلى هذا في مقال لاحق ان شاء الله